وقال عبد الله بن راشد: ما كان فى عسكر أبى جعفر كبير أحد، ما هم إلّا سودان وناس يسير. وكان يأمر بالحطب فيحزم، ثمّ يوقد بالليل فيراه الرائي فيحسب هناك ناسا، وما هي إلّا نار تضرم، وليس عندها أحد.
وكتب أبو جعفر إلى عيسى بن موسى وهو بالمدينة:
- «إذا قرأت كتابي فأقبل ودع [٤٤٤] ما أنت فيه.» فلم ينشب أن قدم، فوجّهه على الناس، وكتب إلى سلم بن قتيبة، فقدم عليه من الرىّ، فضمّه إلى جعفر بن سليمان.
فحكى سلم بن قتيبة قال: لمّا دخلت على أبى جعفر قال لى:
- «خرج ابنا عبد الله بن حسن، فاعمد لإبراهيم ولا يروعنّك جمعه، فو الله إنّهما لجملا بنى هاشم المقتولان جميعا، فابسط يدك، وثق بما أعلمتك، وستذكر مقالتي لك.» قال: فو الله ما هو إلّا أن قتل إبراهيم، فجعلت أتذكّر مقالته فأعجب.
وكتب المنصور إلى المهدى وهو يومئذ بالرىّ يأمره بتوجيه خازم بن خزيمة إلى الأهواز، فوجّهه المهدى فى أربعة آلاف من الجند، فصار إليها وحارب بها المغيرة بن الفزر، فهزم المغيرة وانصرف المغيرة إلى البصرة ودخل خازم الأهواز فأباحها ثلاثا.
وحكى السندىّ قال: كنت وصيفا أيّام حرب محمّد، فكنت أقوم على رأس المنصور بالمدينة، فرأيته لمّا كثف أمر إبراهيم وغلظ، أقام على مصلّى نيّفا وخمسين ليلة، ينام عليه، ويجلس عليه، وعليه جبّة ملوّنة قد اتّسخ جيبها وما تحت لحيته منها ما غيّر الجبّة ولا هجر [٤٤٥] المصلّى حتّى فتح الله عليه، إلّا أنّه كان إذا ظهر للناس علىّ الجبّة بالسواد وقعد على فراشه، فإذا بطن عاد إلى هيئته.