ثمّ قال لى:«يا أحمد ما تراهم يصنعون بى، تراهم يقتلوني أو يفون لى بأمانهم؟» قال: قلت: «بل يفون لك يا سيّدى.» قال: وجعل يضمّ على نفسه الخرقة التي على كتفيه ويضمّها ويمسكها بعضديه يمنة ويسرة. قال: ونزعت مبطّنة كانت علىّ وقلت يا سيّدى:
- «ألق هذه عليك.» قال: [١٢٢]- «ويحك دعني، فهذا من الله لى فى هذا الموضع خير.» قال: وبينا نحن كذلك إذ دقّ باب الدار ففتح فدخل علينا رجل عليه سلاحه فتطلّع فى وجهه مستثبتا له، فلمّا أثبته معرفة انصرف وأغلق الباب وإذا هو محمد بن حميد الطاهري. قال: فعلمت أنّ الرجل مقتول. قال:
وكان بقي علىّ من صلاتي الوتر فخفت أن أقتل معه ولم أوتر. قال: فقمت أوتر. فقال لى:
- «يا أحمد لا تباعدني وصلّ إلى جانبي فإنّى أجد وحشة شديدة.» قال: فاقتربت منه. فلمّا انتصف الليل أو قارب سمعت حركة الخيل، ودقّ الباب ففتح فدخل الدار قوم من العجم بأيديهم السيوف مسلّلة، فلمّا رآهم قام قائما وجعل يقول:
- «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦، ذهبت والله نفسي فى سبيل الله، أما من حيلة أما من مغيث، أما من أحد من الأبناء؟» قال: وجاءوا حتّى قاموا على باب البيت الذي نحن فيه، فأحجموا عن الدخول وجعل بعضهم يقول لبعض «تقدّم» ويدفع بعضهم بعضا. قال: فقمت فصرت خلف الحصر المدرّجة فى زاوية البيت، وقام محمد فأخذ [١٢٣] بيده وسادة وجعل يقول: