ففعل كفعله الأوّل، ثمّ نهض. فقال [١٦٩] له المأمون:
- «اجلس.» فقال: «يا أمير المؤمنين ليس لصاحب الشرط أن يجلس بين يدي سيّده.» قال المأمون:
- «ذاك فى مجلس العامة، فأمّا فى مجلس الخاصّة فطلق.» قال: وبكى المأمون وتغرغرت عيناه، فقال له طاهر:
- «يا أمير المؤمنين لا تبك عيناك. فو الله لقد دانت لك البلاد وأذعن لك العباد وصرت إلى المحبّة فى كلّ أمرك.» فقال: «أبكى لأمر ذكره ذلّ وستره حزن، ولن يخلو أحد من شجن.
فتكلّم بحاجتك التي جئت لها.» قال: «يا أمير المؤمنين، محمد بن أبى العبّاس أخطأ، فأقله عثرته وارض عنه.» قال: «قد رضيت عنه وأمرت بصلته، ورددت عليه منزلته. ولولا أنّه ليس من أهل الأنس لأحضرته.» قال: وانصرف طاهر ثمّ دعا طاهر بهارون بن جبعويه [١] فقال:
- «إنّ أهل خراسان يتعصّب بعضهم لبعض وإنّ لى إليك حاجة. خذ معك ثلاثمائة ألف درهم فأعط الحسين الخادم مائتي ألف درهم وأعط كاتبه محمد بن هارون مائة ألف، وسله أن يسأل المأمون: لم بكى؟» قال: ففعل ذلك. فلمّا تغدّى المأمون قال:
- «يا حسين اسقني.»
[١] . جبعويه: كذا فى الأصل. فى آ: جغويه. وفى الطبري (١١: ١٠٤١) : جيغويه.