فجاء ابن عمّ هيثم. فلمّا رأى القوم ودنا منهم أنكرهم، فرجع إلى الهيثم.
فقال له:
- «إنّ هؤلاء القوم لست أعرفهم.»[٢٠٤] فقال له الهيثم:
- «أخزاك الله ما أجبنك.» ووجّه خمسة من الفرسان، فلمّا قربوا من القوم خرج من الخرّمية رجلان فتلقّوهم فأنكروهما وأعلموهما أنّهم قد عرفوهما، ورجعوا إلى الهيثم ركضا فقالوا:
- «إنّ الكافر قد قتل علّوية وأصحابه وأخذوا أعلامهم ولباسهم.» فانصرف الهيثم وأتى القافلة التي كانت معه، فأمرهم أن يركضوا ويرجعوا لئلّا يؤخذوا، ووقف هو فى أصحابه يسير بهم قليلا قليلا ويقف قليلا ليشتغل الخرّمية عن القافلة وصار شبيها بالحامية لهم، حتّى وصلت القافلة إلى حصنه الذي كان فيه يكون الهيثم وهو أرشق، وقال لأصحابه:
- «من يذهب منكم إلى الأمير وإلى أبى سعيد فيعلمهما وله عشرة آلاف درهم وفرس بدل فرسه إن نفق؟» فتوجّه رجلان من أصحابه على فرسين فارهين يركضان، ودخل الهيثم الحصن وخرج بابك فيمن معه ونزل بالحصن، ووضع له كرسىّ وجلس على شرف بحيال الحصن وأرسل إلى الهيثم من يحاربه. وكان مع الهيثم فى الحصن ستمائة راجل وأربعمائة فارس وله خندق حصين. فقاتله وقعد بابك فيمن معه ووضع بين يديه الخمر مع أصحاب له [٢٠٥] يسربونها والحرب مشتبكة.
ولقى الفارسان الأفشين على أقلّ من فرسخ من أرشق، فساعة نظر إليهما من بعيد قال لصاحب مقدّمته: