وحضر المناظرة القضاة والكتّاب وجلس المقتدر بحيث يسمع ما يجرى ولا يراه أحد واحتجّ ابن الفرات بأن قال:
- «إنّ هذا العامل قد تولّى أعمال مصر والشام فى أيّام وزارة علىّ بن عيسى وقد اعترف بأنّ هذه أموال واجب استخراجها وادّعى أنّه حمل بعضها إلىّ حيث كان متقلّدا أعمال أجناد الشام وأنّ ابني بسطام حملا إلىّ ما ذكره.» وقد ولى علىّ بن عيسى الوزارة مدّة أربع سنين وليس يخلو هذا المال من أن يكون حمله إلى علىّ بن عيسى فهو واجب عليه أو لم يحمله فهو واجب على هذا العامل فى نفسه.
ثمّ قد اعترف أنّه قد جبى فى أيّام وزارتي الأولى ما قال وهو أربعمائة ألف دينار [١٣٤] وادّعى حملها إلىّ فصار مقرّا على نفسه ومدّعيا علىّ وأنا أقول إنّه كاذب فى ادّعائه علىّ وحكم الله تعالى ورسوله والفقهاء معروف فى أمثاله. فأسمعه حامد ما يكره وشتمه شتما قبيحا، فقال له ابن الفرات:
- «أنت على بساط السلطان وفى دار المملكة وليس هذا الموضع ممّا تعرفه من بيدر تقسمه [١] ولا هو مثل أكّار تشتمه ولا عامل تلاكمه.» ثمّ أقبل على شفيع اللؤلؤي وقال له:
- «يجب أن تكتب عنّى بما أقوله إلى مولانا، أيّده الله: إنّ حامدا إنّما حمله على الدخول فى الوزارة وليس من أهلها أنّى أوجبت عليه أكثر من ألف ألف دينار من فضل ضمانه أعمال واسط وجدّدت فى مطالبته بها فقدّر بدخوله فى الوزارة أن يفوز بذلك الفضل وبما يحصّله مستأنفا وقد كان ينبغي