به عجز الدخل عن النفقات المسرفة حتّى اعتدلت الحال فلم أمدّ يدي إلى بيت مال الخاصّة فأمّا الخمسة والأربعون الألف الدينار التي كنت تحملها من أموال المرافق فإنّى ما استصوبت [١] ما استصوبته أنت من أخذها والإذن للعمّال فى أن يرتفقوا، بل حضرتها ورفعتها فلم أعرض لها، لأنّها كانت طريقا إلى تلف أموال السلطان وظلم الرعيّة [١٩٦] وخراب البلاد، وأنت كنت تعوّل فى النفقات على ما كنت تحوّله من بيت مال الخاصّة إلى بيت مال العامّة، فترضى به الحاشية وتخرب به بيت المال.» وتكرّر الخطاب فى هذا المعنى.
ثمّ ناظره على ما حمله إلى القرامطة من الهدايا والسلاح وما تردّد بينه وبينهم من المكاتبات مرّة والمقاربات أخرى فقال:
- «أردت استمالتهم وإدخالهم فى الطاعة وكففتهم عن الحاجّ وأعمال الكوفة والبصرة مدّة ولايتي دفعتين، وأطلقوا من الأسارى الذين كانوا من المسلمين عدّة.» فقال له ابن الفرات:
- «فأىّ شيء أعظم من أن تشهد أنّ أبا سعيد وأصحابه الذين جحدوا القرآن ونبوّة النبي عليه السلام واستباحوا عمان وقتلوا أهلها وسبوهم مسلمين وتكاتبهم بذلك وتؤخّر إطلاق أرزاق من يحفظ السور بالبصرة حتّى أخلوا بمراكزهم فدخلها القرمطى وقتل أهلها.» فاحتجّ بحجج يطول شرحها.
فسأل نصر الحاجب والمحسّن أبا الحسن ابن الفرات أن يدعهما يخلوان به، فخلوا وأشارا عليه بالمصادرة فاستجاب إليها، وألزماه ثلاثمائة ألف دينار
[١] . كذا فى الأصل ومط: ما استصوبت. وفى مد: ما أستصوب.