وإمّا هرب طائرا على وجهه إلى أذربيجان. فإنّى إذا تولّيت الوزارة جدّدت به فى المطالبة بالخروج إلى هجر فإن كاشف دبّرت عليه.» فأنهى نصر الحاجب كلّه إلى المقتدر وعرّفه انّ محمّد بن خلف قد كتب إليه يحلف له على أنّه ما حمله على هذا الفعل إلّا الغضب للدين أوّلا ثمّ الأنفة من أن يتمّ لهذا القرمطى على الخليفة وسائر الخاصّة والعامّة ما دبّره.
وكان الحسن بن هارون يخلف محمّد بن خلف [٢٨٢] ويقف دائما بين يديه على رجله ويخدمه كما يخدم ابن أبى الساج. فلمّا رأى اختصاصه بابن أبى الساج تنكّر له وعمل على القبض عليه وإتلافه وأظهر ذلك لأبى بكر ابن المنتاب وكان قد اختصّ به وغلب عليه. فاتّفق أن شرب ابن المنتاب مع جماعة من إخوانه بواسط وفيهم عبد الله بن علىّ الجرجرائى عامل الصلح والمبارك، فسأله عبد الله بن علىّ أن يشكر له أبا علىّ الحسن بن هارون لما يوليه من الجميل وقال له:
- «تعرض لى رقعة على سيّدنا أبى عبد الله محمّد بن خلف أسأله فيها أن يعرّفه شكرى ويأمره بالزيادة فيما شكرته عليه.» فقال له ابن المنتاب:
- «اتّق الله فى نفسك ولا تفعل، فإنّ أبا عبد الله على غاية التنكّر للحسن بن هارون ولن يبعد أن يقبض عليه ويبلغه [١] .» فحفظ ذلك عبد الله بن علىّ وتقرّب به إلى الحسن بن هارون.
ووقعت بين محمّد بن خلف وبين عبد الله بن علىّ مماحكة فيما سبّب عليه لقوم يعتنى بهم محمّد بن خلف فشتمه محمّد بن خلف وهدّده وأمر بإخراجه من مجلسه على أقبح صورة.