للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن السبيعي هذا: لمّا دخلت إليه إلى الخيمة التي حبس فيها وجدته جالسا وعليه درّاعة ديباج فضّى وجرّبانها [١] ولبّتها [٢] من ديباج أحمر وقد تلوّنت [٣] بالدم الذي سال من الضربة التي فى جبينه، ووجدت الدم قد جمد على وجهه، فالتمست ماء حارّا. فقال لى بعض أصحاب أبى طاهر:

- «والله ما ذاك عندنا، ولا عندنا ما يسخن فيه.» وكانوا [٢٩٢] خلّفوا سوادهم بالقرب من القادسيّة وتجردوا للقتال، فغسلت وجهه بماء بارد وغسلت موضع الضربة وعالجته وسألنى عن اسمى وبأىّ شيء أعرف، فذكرت له ذلك فوجدته يعرف أهلى أيّام كان بالكوفة وهو صبىّ مع أخيه الأفشين وكان يتقلّد الكوفة، فعجبت من ذكره وفهمه وقلّة اكتراثه بما هو فيه.

وورد خبر الوقعة وأسر ابن أبى الساج على علىّ بن عيسى، فراح إلى دار السلطان واجتمع مع نصر الحاجب ومونس المظفّر على إنهاء الخبر إلى المقتدر بالله وانتشر الخبر، فدخلت الخاصّة والعامّة لأبى طاهر هيبة عظيمة ورهبة شديدة، وعملت الجماعة على الهرب إلى واسط ثمّ إلى الأهواز، وابتدأ المنهزمون بالدخول إلى بغداد، وأخرج مونس المظفّر مضربه إلى ميدان الأشنان وخرج على أن يمضى إلى الكوفة.

وورد كتاب العامل بقصر ابن هبيرة على علىّ بن عيسى بأنّ أبا طاهر وأصحابه رحلوا عن الكوفة يوم الثلاثاء لاثنى عشرة خلت من شوّال قاصدين عين التمر، وورد كتابه بعد ذلك بنزولهم عين التمر، فبادر علىّ بن عيسى باستئجار خمسمائة سميريّة وجعل فيها ألف رجل ومعها عدّة [٢٩٣]


[١] . جرّبانها: والجرّبان: طوق القميص. فارسيّة أصلها: گريبان. واللّبّة: موضع القلادة من الصدر.
[٢] . فى مط: وجريانها ولبنها.
[٣] . فى مط: تلوّثت.

<<  <  ج: ص:  >  >>