- «ولا والله ما جعلتها من دينك وكيف يجوز أن أقدّم مالك على مال السلطان؟» فاستوحش كلّ واحد منهما من صاحبه وبلغ أبا عبد الله البريدي خبر المجلس فسرّى عنه واجتهد فى أن يكتب رقعة إلى ابن قرابة يسأله فيها المصير إليه فلم يجد دواة ولا من يحملها واتفق أن أنفذ أبو سعيد ابن قديدة غلامه أحمد ليشاهد حاله فاستأمن إليه أبو عبد الله ورغّبه فى الإصطناع والإحسان ووعده أن يغنيه إذا أوصل رقعة له إلى ابن قرابة فاستجاب له الغلام واحتال له فى جوزة جعل فيها كرسفا [١] وأحضره قلما صغيرا وقطعة من كاغذ فكاتب أبا بكر ابن قرابة وحلف له إنّه إن أخذه إليه وفّاه ماله عن آخره وخدمه أحسن خدمة.
فبكر أبو بكر ابن قرابة إلى محمّد بن خلف وأظهر له أنّه قد قصده لمعاتبته حتّى استوفى المفاوضة معه. ثمّ قال له:
- «أخرج ابن البريدي إلىّ فإنّه يستقيم إلى كلامي حتّى أقرر مصادرته وأعرف ما عنده [٣٩٦] فى ديني.» فأخرج إليه أبا عبد الله فقال أبو عبد الله:
- «أوّل إقبالى إن قلت لمحمّد بن خلف: لم يبق من السحر إلّا السرار فيتفضّل الأمير ويخلى لنا مجلسنا.» فنهض محمّد بن خلف من مجلسه وسلّمه إلىّ برقاعته وقال:
- «أنا داخل إلى دار الحرم.» فتخاطبنا وجلست مجلسه وقعدت مقعده فتفاءلت وقلت: