نحن حاربناه وانهزمنا كنّا بين الأسر والحمل إلى الحضرة وشهرت بها وأركبت الفيل ثمّ يظنّ أنّى كفرت [٥٢٤] نعمة مولاي فيلعننى الناس وبين أن أقتل. والوجه المداراة والمقاربة لهذا الرجل وأن نعود إلى تستر ونصير منها إلى الجبل فإن استقام لنا بها أمر وإلّا لحقنا بخراسان.» وشاع هذا الكلام فضعفت نفوس أصحابه وطالت الأيّام فى منازلة عسكر البريدي فكان كلّ يوم يستأمن عدّة من أصحابه إلى البريدي فكان مونس يبكّر إليه فى كلّ يوم ويقول له:
- «يا مولاي مضى البارحة من أصحابنا ثلاثمائة أو أكثر أو أقلّ.» فلا يزيده على أن يقول:
- «إلى كاتبنا يمضون وإذا كانت هذه نيّاتهم لنا فما الانتفاع بهم؟ ولأن يبقى معنا ألف رجل فنمضى بهم إلى حيث نقصد أصلح من جميع هذا اللفيف الذي هم كلّ فى الرخاء وأعداء يوم اللقاء وقد جرّبناهم بباب فارس وباب أرجان.» فلم يزل كذلك حتّى بقي فى ثمانمائة رجل.
فلمّا علم البريدي أنّه قد استظهر الاستظهار التامّ راسله فى الموادعة بأبى القاسم التنوخي القاضي وقال:
- «إنّى لك على العهد والميثاق.» وأنّه كاتبه وأنّ الإمارة لا تصلح له وأنّ البلوى والشقاء قد حلّا به وصارت مطالبة الرجال عليه وأنّه يلاقي الموت صباح مساء ويخاف على نفسه منهم وأنّه لا رغبة له فى ارتباطهم [٥٢٥] وإنّما جرّ سبب سببا حتّى اجتمعوا عنده وأنّه يصاهره حتّى يزداد ثقة به.
ووكلّ القاضي فى تزويج ابنته من أبى العباس أحمد بن ياقوت فوافاه القاضي أبو القاسم التنوخي وأدّى إليه الرسالة وقبلها وانعقد الصهر ورحل