للوقت إلى تستر. ووافاه بعقب ذلك غلام للسلطان من الحجريّة ومعه المظفّر ابنه بكتاب إليه يذكر فيه أنّه قد وهب ابنه هذا له ومن به عليه. فالتقيا بتستر فأشار عليه ابنه المظفّر بالخروج إلى حضرة السلطان ليشكره على إنفاذه ويقيم بدير العاقول ويستأذنه فى الدخول. فإن أذن له فقد تمّ له ما يحبّ ووجد الحجريّة مسرعين إليه، وإن لم يأذن له تقلّد الموصل وديار ربيعة وخرج إليها، وإن منع من ذلك جعل مقصده الشام. فخالف ابنه ولم يرتض رأيه وقال:
- «أنا أتأمّل ما ذكرته فأقم عندي لنتشاور.» فاستعفاه من ذلك وسأله أن يأذن له فى المقام بعسكر مكرم فأذن له.
فأطمع البريدي المظفّر فى أن يجعله اسفهسلار عسكره وأن يتدبّر بتدبيره حتّى فارق أباه واستأمن إليه فحصل فى بستانه المشهور [٥٢٦] بالأهواز وأحاط بالبستان من يراعيه ويحفظه من حيث لا يعلم.
ولمّا استوثق البريدي لنفسه واستظهر، تخوّف من الياقوتيّة الذين عنده وأن يراسلوه بلون من الألوان المنكرة من التدبير عليه أو أن يتداخلهم التعصّب له فيشغبوا عليه ويدعوا بشعار ياقوت.
وكتب إلى ياقوت بأنّ السلطان قد أمره بالخروج عن تستر إلى الحضرة فى خمسة عشر غلاما أو النفوذ إلى الجبل متقلّدا لها وبأن يقصده إلى تستر ويخرجه منها قهرا فتحيّر ودعا مونسا غلامه فقال له:
- «أىّ شيء ترى؟» فقال له:
- «الآن وقد مضى ما مضى والله لا صحبك إلى الحضرة ولا إلى الجبل أحد ممّن معك ولا لهم نفقات تنهضم. فإن أردت أن تمضى فى عشرين غلاما إلى السلطان فذاك إليك.»