للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلوا إلى أموالهم وبضائعهم، أنّهم يبذلون لهم أموالا جليلة وفى خلال ذلك يبكون ويشكّون ظلم المرزبان وعدوانه وكانوا يصلون إلى المرزبان فرادى ويوصلون الكتب ويتنجّزون الأجوبة ويدسّون إليه فى خلال ذلك الدنانير الكثيرة ليبذلها وينفقها فيما يحتاج إليه.

وكان لشيراسفار الموكّل بالقلعة غلام أمرد وضيء الوجه يحمل ترسه على مذهب الديلم فأظهر المرزبان عشقا له ومحبّة مفرطة فكان يعطيه سرّا الشيء بعد الشيء ويعده- إن هو تخلّص- بأمور عظيمة وولايات كبار حتى طمع الغلام وواطأه على كل ما أحبّ وأوصل إليه درعا فى زنبيل فيه تراب وعدة سكاكين وأوصل إليه شموعا فيها مبارد واجتمع معه على وجوه الحيل.

وأظهر أولئك القوم الذين كانوا فى زىّ التجار النسك والتألّه والخشوع، فصاروا يصلون إلى باب القلعة ويوصلهم البوّاب واحدا واحدا إلى أن تمّت الحيلة بموافقة هذا الغلام الإسبربر [١] [٢٠٣] .

وكان اتفق معه على يوم بعينه: إذا دخل إليه شيراسفار يناوله الترس والزوبين الذي لصاحبه إذا استدعاه منه ووافق بعض أولئك التجار أن يكونوا مع البوّاب ليفتكوا به إذا صاح بهم.

فلمّا كان فى ذلك اليوم وصل إليه توبان وكان أجلدهم وجلس آخر مع البوّاب ليفتك به إذا سمع الصوت وجلس الباقون قريبا من الباب ليدخلوا عند التمكن.

فلمّا صار إليه شيراسفار على رسم كان له وكان المرزبان قد برد مسمار قيده على مرّ الأيّام ولبس فى ذلك اليوم درعه والتفّ بكسائه وكان يخاطب


[١] . فى الأصل ومط: الاسبربر، وأثبته فى مد: للأسير سرّا، وهو خطأ. والصواب ما أثبتناه وضبطناه. وأصله الفارسي: إسپربر، أى حامل التّرس. لأنّه مركّب من «إسپر» (سپر) اى:
التّرس، و «بر» وهو مرخّم «برنده» أى حامل.

<<  <  ج: ص:  >  >>