للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا كاتباه أبو الفضل العباس بن الحسين وأبو الفرج محمّد بن العبّاس فإنّهما لما عرفا قصده فى إفساد نيّة بعضهما لبعض- فقد كان بينهما قبل ذلك منافسة فى المرتبة وتحاسد فى النعمة- أخذا جميعا أهبة التحرّز منه وأخذ هو فى الحيلة عليهما حتى أزال بأحدهما نعمة الآخر. ثم قبض عليه بأصاغر الحاشية وأدانى الحشم ومكّن منهما الأوغاد والسفلة فاضطربت أحوال المملكة واضطرّ إلى الاستعانة بمن رفعه من السقّاط ومن لا يكمل للنظر فى قرية ولا يصلح للتوسط بين نفسين فضلا عن العسكر المضطرب فاختلّت [١] أصول أمره وفروعها.

وأما كبار الديلم ووجوههم فإنّه نفاهم عن مملكته طمعا فى اقطاعاتهم وأموالهم وأموال المتصلين بهم فتبسّط أصاغرهم واستلانوا جانبه وتحالفوا عليه وطالبوه بزيادة فى رسومهم واضطر إلى النزل على حكمهم ثم عجز عن إرضائهم.

وأمّا الأتراك فإنّهم نظروا إلى ما تمّ للديلم من التحكّم فعملوا مثل عملهم من الاشتطاط والتسحّب والمواجهة بالمخاطبة الغليظة واضطرّ إلى التدبير عليهم والراحة منهم.

وابتدأ بسبكتكين وكان متحرزا متيقّظا، فما تمّ له عليه شيء من تدبيراته فتحزّب الأتراك وصاروا يدا واحدة.

وتحركت الأحقاد والحفائظ [٣٠١] التي كانت فى نفوس الديلم على معزّ الدولة، فبرزوا إلى الصحراء مع الأسلحة والجنن وساموه أن يثبت من أسقطه معزّ الدولة وأن يعطيهم أرزاقهم ويعجّل لهم رزقة منسوبة إلى البيعة غير محسوبة.


[١] . كذا فى الأصل ومط: فاختلّت. والمثبت فى مد: فاحتلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>