وأنّه إن خرج عن العراق على تلك الصورة لم يبعد أن تضطرب الممالك كلها ثم لا يمكن تلافيها، ويسأله المدد والإمساك عن نصرة من تفسد على يده مملكته وممالكنا معا وقال لأبى الفتح ابن العميد:
- «انظر فإن تيقظ للأمر ونجع فيه هذا القول وأشباهه فاقتصر عليه، وإن رأيته مقيما على رأيه فزد فى الرسالة وقل له: إنّى أقاطعك على أعمال العراق وأحمل إليك عنها ثلاثين ألف ألف درهم وأنت فقير لا مال لك ولا عدة عندك لمثل هذه الحال إن عادت إليك وأنا أعجل لك من جملتها عشرة آلاف ألف درهم وأبعث بختيار وأخوته إليك لتجعلهم بالخيار فإن شاءوا أقاموا فى أوساط ممالكك ومكّنتهم من أى البلدان اختاروه، وإن شاءوا أن يصيروا إلى فارس فيختاروا من أعمالها أى البلدان أحبوه إلى ذلك ووسعت عليهم فى النفقات وأرغدت عيشهم فى أوساط ممالكنا ولم تتركه فى هذه الديار التي استضعفه أهلها وعرف جنده سيرته [٤٤١] فيها وانّ الخلافة تخرج عن يده وأيدينا وهو يضعف عن سياسة جنده ويعتمد فى التدبير على الجبايات والمصادرات وتمكين من يرتفع له فى الوقت على يده مالا يقع موقعا من حاجته ثم يضطر إلى نكبته واعتماد غيره. على أنّ هذا الباب أيضا قد انسدّ ولم يبق فيه بقية مما عمله قديما وقد عرف ذلك من نفسه ولذلك استعفى من الأمر. وان أحببت أن تحضر بنفسك العراق لتلى التدبير وتكون سائس الخلافة وبيت الملك ووليت الأمر وتردّ بختيار الى الرىّ فأنصرف الى فارس، كان ذلك وجها من الرأى صحيحا.» وقال لابن العميد:
- «وينبغي أن تتبسط فى هذا المعنى فإنّك تجد فيه مقالا واسعا فإن لان لك وعرف صواب قولك وإلّا فزد فى الرسالة فصلا ثالثا تجبهه به وهو: إنّك أيّها الوالد السيد مقبول القول والرأى والحكم، ولكن لا سبيل الى إطلاق