وأمّا بالنسبة للطبري (طبعة أوروبا) فانّنا استفدنا منه الكثير سواء بالنسبة للاعلام، أو بالنسبة لإزاحة الشكوك في قراءة الكلمات والعبارات، وملأ الفراغ الناتج عن البياض والسقط والانمحاء والخرم وغيرها، ولا سيما من حواشي الطبري في نشرة دى خويه المليئة باختلاف النسخ، حيث إنّ الطبري منهل كبير ارتوى منه جلّ المؤرخين الآتين بعده ومنهم مسكويه. وهذا بالنسبة للفترة التاريخية الطويلة التي اشترك فيها الطبري ومسكويه في ذكر أحداثها، وأمّا بالنسبة للزمن الزائد عليها (العصر البويهي عند مسكويه) فرأينا أن نقارن النصّ مع أصول أخرى متأخرة عن الطبري حسب إلحاح الحاجة لأنّ الطريق كان معبّدا في هذا القسم من العمل وإلى حدّ ما، بعد أن نشر آمد روز الجزأين الخاصّين بهذا العصر مع الذيل، فذلّل لنا بعض الصعاب مشكورا.
والجدير بالذكر أنّنا ذكرنا صفحات الإرجاع في كلّ مقارنة عملناها بين الأصل والطبري، مع ما في هذه المقارنة من صعوبات، لأنّ المقارنة بين نصّ ما، ونصّ يخالفه في الحجم وترتيب الموادّ، تتطلّب أناة، ولكنّها في نفس الوقت عمل فيه نفع كبير للباحثين.
وفي تاريخ ما قبل الإسلام، أى أوائل الجزء الأول، يوجد كثير من الأعلام الإيرانيّة القديمة ذات جذور في اللغات الفهلويّة والأفستائيّة وغيرها، ضبطت وصحّفت في الأصول التاريخيّة ومنها تجارب الأمم، بصور شتّى، أوّلا: بسبب غرابة أشكالها في أصلها القديم، ثانيا: اللعب الذي لعبته اللغة العربيّة في تعريبها ثالثا: عبث الكتّاب والنساخ بها. وهذا هو ما أدّى إلى أشكال غريبة من التحريف والتصحيف. لذلك أرجعنا- قدر المستطاع- مثل هذه الأعلام إلى أصولها في الحواشي، بعد إثبات اختلاف صور الضبط فيها، مستفيدين من عمل سابق قمنا به بهذا الصدد، معوّلين على قواميس اللغات الإيرانيّة القديمة ودراسات الإخصائيين في هذا المجال. وممّا هو جدير بالذكر هنا، أنّه، لمّا كانت الأعلام كثيرة متوالية في الصفحات الأولى من الجزء الأوّل، وذلك لاختصار تقارير مسكويه لتلك الفترة، لذلك، نرى حواشي تلك الصفحات مكثّفة، مع أنّنا حاولنا- قدر المستطاع- تلخيص تعاليقنا وإثباتها بأوجز وجه. وكذلك حاولنا شرح الأعلام الجغرافية، أو بعض الكلمات، قدر ما