للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شديدا، وغشى الناس بنفسه.

وخرج اليوم السادس قيس بن سعد الأنصارى، فخرج إليه ابن ذى الكلاع الحميري، فاقتتلا قتالا شديدا، ثم انصرفا، ذلك بعد قتل كثير في الفريقين.

وخرج الأشتر في اليوم السابع، وعاد إليه حبيب بن مسلمة، وذلك يوم الثلاثاء، فاقتتلا كأشدّ ما يكون من قتال، ثم انصرفا عند الظهر وكلّ غير غالب.

ثم إنّ عليّا قال: «حتى متى لا نناهض هؤلاء القوم [٥٨١] بأجمعنا؟» فقام في الناس عشية الثلاثاء ليلة الأربعاء بعد العصر، فخطبهم فقال:

- «الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض، ولا ينقض ما أبرم، ولو شاء ما اختلف اثنان من خلقه، ولا تنازعت الأمة في شيء من أمره ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله، وقد ساقتنا وهؤلاء القوم الأقدار، فلفّت [١] بيننا في هذا المكان، فلو شاء عجّل النعمة، وكان منه التغيير حتى يكذّب الظالم ويعلم الحقّ أين مصيره، ولكنّه جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة هي دار القرار، ليجزي الذين أساءوا بما عملوا، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى. [٢] ألا، إنّكم لاقوا [٣] القوم غدا، فاطلبوا وجه الله بأعمالكم، وأطيلوا الليلة القيام، وأكثروا تلاوة القرآن، وسلوا الله الصبر والنصر، والقوهم بالجدّ والحزم، وكونوا صادقين.» فوثب الناس إلى سيوفهم ورماحهم ونبالهم يصلحونها. ومرّ بهم كعب بن جعيل التغلبي وهو يقول:

أصبحت الأمّة في أمر عجب ... والملك مجموع غدا لمن غلب

فقلت قولا صادقا غير كذب ... إنّ غدا يهلك أعلام العرب


[١] . في الأصل ومط: فلف. والصحيح ما أثبتناه كما في الطبري (٦: ٣٢٨٦) .
[٢] . س ٥٣ النجم: ٣٢.
[٣] . في الأصل: لا قوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>