للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاشتقاق. وبذا تبيَّن وجهُ صحة قول الفخر الرازي إن الاشتقاق هو أكمل الطرق في تعريف مدلولات الألفاظ.

يضاف إلى ذلك أن الاشتقاق يُعَدُّ فيصلًا في الحكم بعروبة اللفظ؛ فقد "أطبقوا على أن التفرقة بين اللفظ العربي والعجمي (تكون) بصحة الاشتقاق " (١) أي أن اللفظ المشكوك في عروبته تثبت عروبته -إذا كان على إحدى صيغ العربية- بصحة اشتقاقه من لفظ صحيحِ العروبة، بأن يكون معنياهما متجانسين. ووجهُ ذلك (الإطباق) أن المأخذ الاشتقاقي (= اللفظ الذي تُشتق منه كلمات أخرى) له معنى عربي وأريج عربي (= رائحة البيئة). فإذا تناسب اللفظان في المعنى وأريج البيئة، وكان أحدهما ثابت العروبة، كان ذلك المناسب دليلا على عروبة اللفظ الآخر.

-والسبيل إلى تحرير المعنى الدقيق لكل مفردة من المفردات القرآنية بالاشتقاق تخطِّيًا للخلاف اللفظي (والأقوى من اللفظي في حالة المشترك): هو إيجاد ضابط، أي معيار، يوزن به ويُطمأن إلى سلامة تحديد معاني المفردات القرآنية. ومن البَدَهيّ أن يكون ذلك المعيار مستمَدًّا من لغة العرب، أي من كلمات اللغة العربية وعباراتها؛ لأن القرآن نزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}.

- وقد تبين لعدد من أئمتنا المتقدمين من العلماء باللغة العربية الاشتقاقيين (٢)، ومن العلماء بمعاني المفردات القرآنية (٣)، أن كل أُسْرةِ كلماتٍ، أي كل تركيب


(١) الكليات، لأبي البقاء الكَفوي (تح. د. عدنان درويش، محمد المصري، مؤسسة الرسالة ص ١١٧).
(٢) أقصد في المقام الأول: الزجّاج (ت ٣١٠ هـ)، وابن فارس (ت ٣٩٥ هـ).
(٣) كالراغب الأصفهاني (ت ٤٢٥ هـ تقريبًا) في المفردات، والسمين الحلبي (ت ٧٥٦ هـ) في كنز الحفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>