ولعزة الماء عندهم وانتشار نفاذه هكذا من القِربة عدّوا ذلك انصبابًا وصبًّا وشبهوا به؛ فقالوا: "شَنَّ عليه درعَه: صبَّها " (أَيْ لَبِسها. والدرع مكونة من حِلَق دقيقة كثيرة تشمل البدن، فهي تشبه الشَنّ: صبَّ الماء). "وشَنَّ عليهم الغارة: صبَّها وبثّها وفرّقَها من كل وجه " (انتشار). ومن هذا مع ملاحظة رقة الماء قالوا: "شَنّ بسَلْحه: رمى به رقيقًا ".
أما "الشِنْشِنة -بالكسر: الطبيعة والخليقة والسجيّة "، فمن نفاذ المختزن في الباطن المغروز فيه بتفرق وانتشار، وقام تكرار الممارسة مقامَ التفشي والانتشار.
• (شنأ):
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}[الكوثر: ٣]
"المَشْنَأ -بالفتح: القبيح الوجه القبيح المنظر وإن كان محببًا. وشوانئ المال: ما لا يُضَنّ به. وشنَأ إلِيه حقَّه: اعطاه إياه وتبرأ منه ".
° المعنى المحوري دفعٌ من الحيّز أو ردٌّ عنه بقوة لكراهة الحوز أو عدم استحقاقه: كدفع ما لا يضن به، ودفع الحق مع التبرؤ، وكردّ النفْس، أي عدم
قبولها القبيحَ المنظر، وهو رد معنويّ. ومن هذا الدفع المعنوي استُعمل في
الكراهة والبغض؛ لأنهما عدم قبول: (شَنئَ الشيءَ: أبْغضه {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا}[المائدة: ٨]، أي بُغْضُهم. {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أي مُبْغِضَك ".
وأُطلق أيضًا في مطلق التباعد من الشيء (دفعًا له من الحوزة): "الشَنُوءة: التقزز من الشيء، وهو التباعد من الأدناس. الرجل الشَنوءة: الذي يتقزز من الشيء "(المصدر يضم ويفتح).