ومن ذلك "العَزْم (استمرار الشدة والجِدّ في ما عُقِد عليه قلبك من أمر) عَزَم على الأمر وعَزَمه: أراد فعله (إرادة جادة دائمة) وقوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}[البقرة: ٢٣٥] أدق تفسير له: ولا تُبْرموا أو ولا تعقدوا كما أورده [قر ٣/ ١٩٢](والعقد والابرام كلاهما شدٌّ وثيق ينقل الأمر من الرغبة التي قد تكون عارضة إلى الارتباط الدائم).
ثم إن المعنى الآخر الذي جرى عليه القرطبي أي "لا تعزموا على عقدة النكاح "أي النهي عن النية الأكيدة في ذلك لا يتمشى مع أول الآية {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ}[البقرة: ٢٣٥] فله أن يُعَرّض بالخِطبة وأن ينوي الزواج بها، لكن لا يعزم العقدة ويشدها (أي يعقد عقد الزواج) إلا بعد العدة. وقد قال قر نفسه في {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ}[البقرة: ٢٢٧] العزيمة تتميم العقد على الشيء [٣/ ١١٠] ويؤخذ هذا في {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}[آل عمران: ١٥٩]{فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ}[محمد: ٢١]: جدّ القتال/ أو/ عزم أصحاب الأمر. فكلاهما تتميم. {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف: ٣٥]: (الجِدّ الدائم الثابت في أداء الرسالة){فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: ١١٥]: فُسّرَتْ بالصبر. والصبر يتأتى في معنى العزم لأن الصبر استمرار في التحمل، لكن الأَوْلى تفسير نفي العزم في الآية بنفي دوام التَنَبُّه بما قد يعتري النفس البشرية من فتور حدة التنبه فيقع النسيان.
° معنى الفصل المعجمي (عز): هو تماسك الأثناء والاشتداد كما يتمثل في العزَاز: ما صلُب من الأرض واشتد وخشن -في (عزز)، وكما في الاعتزاء الانتساب