والخِدْمة تُذَلل الامر وتلينه وتسهله للمخدوم ولذا سمي "الخادم ما هنا "كما سُمِّيَ ناصفًا. ومن هنا "المهنة- بالفتح والكسر والتحريك: الحِذْق بالخِدْمة والعَمَل (فالحاذق المحترف يُتِمُّ العمل بيُسْر وسهولة ولين، بلا صعوبة أو عناء، كما أنه يذلل صعوبات وسائل المعيشة). وقالوا مهن الإبلَ: حَلَبها عند الصَدَر، وثياب المِهْنة أي البِذلة والخِدمة "التي ليست مصونه للمناسبات ولا لها مَعزّة عند صاحبها. (ثم إن لفظ المهنة انتقل ليستعمل في الحِرْفة وكأن الخطوة الوسيطة (حرفة المهنة) أي حِرْفة الحِذْق أي التي يحذقها ثم استغنوا بالمضاف إليه عن المضاف).
وفي قوله تعالى:{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}[المرسلات: ٢٠ وكذا ما في السجدة: ٨]، أي من ماء ضعيف قليل {أَمْ أَنَا خَيرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ}[الزخرف: ٥٢] لا يكاد يفصح عن مقصوده، أو نظر إلى أنه كان من عامة شعب بني إسرائيل الذين كان يتعبدهم {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ}[القلم: ١٠]: الوضيع لإكثاره من القبائح. من المهانة وهي القلة [بحر ٨/ ٣٠٠] والدقيق أن يقال: من الضعف أي ضعف الحال وعدم الشرف الخُلُقِيّ.
° معنى الفصل المعجْمي (مه): فراغ الأثناء أو ما إلى الفراغ -كما يتمثل في المَهْمه: الخَرْق الأملس الواسع المفازة التي لا ماء بها ولا أنيس- في (مهه)، وكما في شفافية الماء- في (موه ميه)، وكما في رِقَّة الزُبْد المهيد ولين مَهْد الصبي- في (مهد)، وكما في ذوبان الفلز الذهب والفضة والنحاس ورخاوة التمهل- في (مهل)، وفي ضعف المهين من الرجال وخلو ماء الفحل المهين من الإلقاح- في (مهن).