للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(درى):

{آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: ١١]

"المِدْرَاة شَيء كالمِسَلّة يُعْمَلُ من حَديد أو خَشب على شَكل سِنٍّ من أسنان المُشْط وأطول منه، يُسَرَّح به الشعر المتلبّد ويستعمله من لم يكن له مُشط ".

° المعنى المحوري تغلغل الشيء بدقة وقوة خلال جرم كثيف فيصل إلى عمقه: كالمِدْرَى في الشعر المتلبّد. ومنه "دَرَيت الصيد وادَّرَيْتُه وتَدَرّيته: خَتَلْتَه بأن تَسْتَتِر من الصيد بناقة أو بَقَرة (وهذه هي الدريّة) حتى إذا أمْكَنك رَمَيتَه " (الدَرِيَّة كالحائل الكثيف يختفي الرامي وراءَها حتى يصلَ إلى المصيد) ومن هذا "ادرَوْا فلانًا أو مكانًا: اعْتَمَدُوه بالغارة " (الاحتيال واتخاذ الوسائل يثْبت القصد).

ومن الأصل: "المداراة: المداجاة والملاينة وحُسْن الخُلُق ". وإنما يكون ذلك بالإغضاء عن سُوءِ فِعْل أو خُلُق اتقاءً لشرٍّ فهي تَسَتُّر من أجل أن الذي يُدَارِى يعلم بِحقٍّ (باطنَ) مَن يُداريه.

ومن ذلك الأصل: "دَرَيت بالشيء ودَرَيتُه: علِمته بضرْب من الحيلة " [تاج] وهذا متحقق في درْى الصيد أي خَتْله. فالدراية: عِلْم فيه نفاذ إلى ما خَفِيَ. وقد عرّفها الراغب بأنها نحوُ الفطنة. وفي [كليات الكفوى ٦٧] جعلها نتيجة "تردد مقدمات "وفي [٤٥١ منه] جعل من وسائلها "قواعد العقل ". ويتلخص كل ذلك في المجال الأدبي في فقه معاني الكلام، ولذا فإن علم الفقه يسمى علم الدراية [ينظر كشاف اصطلاحات الفنون] وفي المجال المادي في النفاذ إلى ما وراء الظاهر. {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠٩]، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>