للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تنر):

{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: ٤٠].

"كُلُّ مَفْجَر ماء: تَنُّور - كسَفُّود. والتَنُّور أيضًا: الذي يُخْتَبَزُ فيه ".

° المعنى المحوري هو: امتلاء الجوف بشيء لطيف الجرم أو الحركة - ينفذ منه: كالماء وهو لطيف الجرم والحركة - في مَفْجَره، وكالنار - وهي لطيفة الجرم والحركة أيضًا - في جوف التنور. وكلاهما يخرج من جوف: فالماء من الأرض والنار في تجويف التنور أو منه، كما أن النار أصلًا كامنةٌ تُستخرج بالاقتداح.

وفي آية التركيب وكذا {وَفَارَ التَّنُّورُ} [المؤمنون: ٢٧] فالمناسب للسياق والقصة الماءُ لا النار، كما قال تعالى في قصة نوح أيضًا: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: ١٢]. والقول بأن التنور يطلق على تنوير الصبح له وجه من معنى التركيب - للُطف الضوء واسترساله - إن ثبت وروده عن العرب - لكن يبعد أن يكون هو المراد في آية التركيب؛ لأن الآية الأخرى تكاد تعيّن المراد، وبقرينة كلمة {فار}.

هذا وقد مر بنا قولهم: "كل مَفْجَرِ ماءٍ تَنُّورٌ ". وقد قالوا أيضًا: "تنانير الوادي: محافلُه. والتنّور أيضًا جبل عين الورد بالجزيرة "، قال في [تاج] "وهذا الجبل يجري نهرُ جيحان تحته "ففي هذه الاستعمالات ارتبط اللفظ بمواضع اجتماع الماء، مما يؤكد شيوع إطلاقه علي مَفْجَر الماء. كما أن التنور (نوع من الكوانين/ الذي يختبز فيه) معروف تمامًا عند العرب، وورد في الحديث الشريف: "في تنور أهلك "، ولعله الذي قصده ابن دريد بقوله: "لا تعرف له العرب اسمًا غير هذا " (١) فاللفظ كان معروفًا وشائعًا عند العرب بالمعنيين.


(١) المعرب للجواليقي تحـ ف. عبد الرحيم ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>