"كُلُّ مَفْجَر ماء: تَنُّور - كسَفُّود. والتَنُّور أيضًا: الذي يُخْتَبَزُ فيه ".
° المعنى المحوري هو: امتلاء الجوف بشيء لطيف الجرم أو الحركة - ينفذ منه: كالماء وهو لطيف الجرم والحركة - في مَفْجَره، وكالنار - وهي لطيفة الجرم والحركة أيضًا - في جوف التنور. وكلاهما يخرج من جوف: فالماء من الأرض والنار في تجويف التنور أو منه، كما أن النار أصلًا كامنةٌ تُستخرج بالاقتداح.
وفي آية التركيب وكذا {وَفَارَ التَّنُّورُ}[المؤمنون: ٢٧] فالمناسب للسياق والقصة الماءُ لا النار، كما قال تعالى في قصة نوح أيضًا:{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}[القمر: ١٢]. والقول بأن التنور يطلق على تنوير الصبح له وجه من معنى التركيب - للُطف الضوء واسترساله - إن ثبت وروده عن العرب - لكن يبعد أن يكون هو المراد في آية التركيب؛ لأن الآية الأخرى تكاد تعيّن المراد، وبقرينة كلمة {فار}.
هذا وقد مر بنا قولهم:"كل مَفْجَرِ ماءٍ تَنُّورٌ ". وقد قالوا أيضًا:"تنانير الوادي: محافلُه. والتنّور أيضًا جبل عين الورد بالجزيرة "، قال في [تاج]"وهذا الجبل يجري نهرُ جيحان تحته "ففي هذه الاستعمالات ارتبط اللفظ بمواضع اجتماع الماء، مما يؤكد شيوع إطلاقه علي مَفْجَر الماء. كما أن التنور (نوع من الكوانين/ الذي يختبز فيه) معروف تمامًا عند العرب، وورد في الحديث الشريف:"في تنور أهلك "، ولعله الذي قصده ابن دريد بقوله:"لا تعرف له العرب اسمًا غير هذا "(١) فاللفظ كان معروفًا وشائعًا عند العرب بالمعنيين.