للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوبة: ١٢٠]، حتى لو غلب عليها بعد الإِسلام، وأطلقت على عاصمة مصر {وَقَال نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: ٣٠]، وعلى كبار بلادها. {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} [الأعراف: ١١١]، وعلى ما يشبه أن يكون كذلك {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: ١٩]، {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [النمل: ٤٨].

لكن ربما كان اشتقاق المدينة من (دين) أَوْلَى؛ لأن: الحَمْل على تركيب معروف واسع التصرف مثل "دين "أولى من العمل على تركيب لا وجود له إلا افتراضًا كالفعل الممات "مَدَنَ بالمكان "ثم إن تعبير الدال والنون عن التغلغل في أثناء شيء يضطم على ما تغلغل فيه واضحةٌ في (دن ن) كالدَن يُغرَس عُسْعُسُه (قاعدته القِمْعِيّة) في الأرض. ويقولون: أدَنّ بالمكان: أقام. ودَنْدَنَ: اختلف في مكان واحد مجيئًا وذَهابًا. ويدور تركيب (دين) على تمكُّن الشيء في أثناء جَوْف أو حَوْزة. ومنه المدين: المملوك، والدِين- بالكسر: الحكم {فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: ٧٦]، في حُكْمه ومُلْكه (وهذا حوز بقوة) وعقيدة في القلب والدَين- بالفتح: كل شيء غير حاضر (معلق بذمة شخص ما)، والدين- بالكسر. وهذه الاستعمالات تعبّر عن التمكن في جوف حيّز. وهذا يناسب معنى المدينة- لأن المدينة حيِّزُ إقامة. كل هذا يرجح أن المدينة من (دين).

° معنى الفصل المعجمي (مد): الامتداد -مع قوة أو شدة كما يتمثل في الرجل المديد القامة- في (مدد)، وفي اتساع الميدان وامتداد ميداء الطريق سننه- في (ميد) , وفي امتداد أمد الخيل (بين) مدافعها ومنتهى غاياتها- في (أمد)، وفي امتداد الإقامة في المدينة -لا كالتنقل وراء المراعي- في (مدن).

<<  <  ج: ص:  >  >>