جئت بخير أخشى أن تحرم منه. وأما تفسير "مثبورًا "بـ "مغلوبًا "أو "مبدَّلا مغيرًا "، فلا أصل له في اللغة. وتفسيرها بـ "لا عقل له "وبـ "هالكًا "قد يتأتيان من "ثبرت القُرحة "لكن لم يرد عن العرب استعمالُها في عدم العقل، ولا يتأتى مواجهة فرعون بأنه لا عقل له أو بأنه هالك، أي بأن الله تعالى سيهلكله بعذاب، أو نقمة، تنصبّ عليه في الدنيا.
وفي قوله تعالى:{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: ٢٥, وكذلك ما في "الانشقاق "١١]: فُسِّرت بالهلاك. فإن كان بمعنى الفناء فإنه - وإن تأتي من "ثبرت القرحة "- فلا يتأتى من السياق، فهم يتمنون الفناء {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}[الزخرف: ٧٧] فالمقصود أنهم يضجون ويتوجعون من الحبس على العذاب، أي الدوام على حال العذاب الذي هم فيه، ولذا جاء بعد الآية {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا}[الفرقان: ١٤] والثبور مصدر، والمصادر لا تجمع، وإنما يعبَّر عن معنى الجمع بالوصف "كما يقال: قعدت قعودًا طويلًا، وضربته ضربًا كثيرًا "فكأن المعنى: ادْعُوا بالثبور دعاء كثيرًا، لأن حبسكم على العذاب سيدوم. ينظر [ل].