وكما يجتمع غثاء الماء في النقرة بعد انتشاره في الماء. وكوقوف عِرْق النخلة لا يمتد. ومنه: المَثْبِر: مَسْقَط الولد (أي مستقرُّه علي الأرض بعد أن كانت أمه تجول به في بطنها)، وموضعُ نَحْر الناقة (انتهت حياتها عنده لا تجول).
ومن الانقباض وعدم الانتشار أُخِذ معنى الحَبْس:"ثَبَره: حبسه ". ومن هذا:"المُثابرة على الأمر: المُواظبة عليه "(العكوف عليه وملازمته). وكذلك:"ثَبَرْتُه عن الشيء: رَدَدْته عنه "، و "ما ثَبَرك عن هذا؟ أي ما منعك منه وما صرفك "، "ما ثَبَر الناسَ؟ أي ما الذي صدَّهم ومَنَعهم من طاعة الله "، كل ذلك من الحبس، لكن المثابرة من الحبس أو الاحتباس (عَلَى)، والمنع من الحبس (عَنْ).
أما قولهم:"تثابرت الرجال في الحرب: تواثبت "فمن التجمع، كأن المعنى: ركب بعضهم بعضًا في المغالبة.
وقولهم:"ثَبِرت القُرحة أي انفتحت "هو من المعنى المحوري، على صيغة فَعِل، وهي هنا للمطاوعة بمعنى المفعولية، كأن تأويلها: أُنْهِيَ أمرها.
وقوله تعالى على لسان سيدنا موسى:{وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}[الإسراء: ١٠٢] فُسَّر في [طب التركي ١٥/ ١٠٨ - ١١١] بـ: ملعونا، مغلوبا، هالكًا، مبدِّلا مغيِّرًا، مخبولا لا عقل له. واختار طب التفسير الأول، لكنه أضاف إليه فقال: ملعونا ممنوعا من الخير. فإن كان قصد بقوله "ملعونًا "المعنى اللغوي للعن، وهو الإبعاد، والمقصود الإبعاد من الخير مثل المنع من الخير، فهذا يتأتى من معنى الحبس، ويصح أن يوجِّه موسي معناه إلي فرعون مع التلطف عملًا بقوله تعالى:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا}[طه: ٤٤] واتساقًا مع ما حكاه سبحانه عنه وعن أخيه {إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى}[طه: ٤٥]. فيكون المعنى أنا