وواضح من هاتين الآيتين وغيرهما، ومن الأصل الذي حددناه أن الرزق هو الغذاء (أصلًا) كما قال [قر ١/ ١٧٧]، ثم يطلق على ما يحطيه الله العبد من مال وخير يَطْعَم منه ويَنْتَفِع (إدخال في الحوزة). "رَزَقَه الله: أعطاه "(وكلّ مَن أَجْرَيْتَ عليه جِرَاية فقد رَزَقْتَه [الوسيط]. والله تعالى:{هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات: ٥٨]، يرزق الخلق أجمعين {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: ٦]. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو بمعنى الرزق الذي ذكرناه. {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}[الواقعة: ٨٢]، أي شُكْرَ رزقكم. وقالوا إن الرزق معناه الشكر بلغة أزد شنؤة. والعلاقة اللغوية بين (رزق وشكر) لا تمنع ذلك لأن في كليهما دخولَ شيء في الباطن (انظر شكر) ولكن الشاهد الذي أورده [قر ١٧/ ٢٢٨] على لغة أزد شنؤة تلك وهو "ما رِزْقُ فلان أي ما شكره "مُريب. وقد وردت رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ "وتجعلون شكركم "كما في قر والمعنيان متحققان. فما أكثر الذين يرتزقون بالتكذيب بالله وبصلاحية ما شرعه لعباده.
° معنى الفصل المعجمي (رز): التداخل الشديد كما تمثل في تداخل مادة الإرزيز (البَرَد) فيتماسك ويصلب بعد أن كان ماء -في (رزز)، وفي دخول الطعام فتحة الفم أي في سبيله إلى أن يصل إلى عمق الجوف -في (رزق).