أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٧٤](أي بسبب ذلك كأن أصل المعنى أن ما أغناهم به الله هو الذي مكنهم من التمرد والحرَد فأبدلوا بالشكر بَطرًا، ولو أبقاهم في الفقرة لَوَقَمَهم ذلك. والتعبير شبيه في حصيلته بباب لام العاقبة. [وانظر قر ٨/ ٢٠٧].
ثم تأتي صيغة الافتعال للأخذ بمقتضى ما في النَّفس من غضب وإنكار "الانتقام: العقوبة {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}[الزخرف: ٥٥]{وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}[آل عمران: ٤]. وصيغة افتعل أصلها لتحصيل الفعل للنفْس- وهو الاتخاذ. وتأتي للاجتهاد في أداء الفعل بالمبالغة فيه. وما في القرآن من التركيب على صيغة (فَعِل) فهو بمعنى الكراهة، وعلى صيغة (افتعل) وما تصرف منها فهو لمقتضى الكراهة وهو العقوبة وهي ترجمة الاجتهاد هنا.
° معنى الفصل المعجمي (نق): فراغ في العمق لغليظ ينفذ فيه أو منه -كما يتمثل في نقنقة العين غئورِها أي غئور حَدَقتها- في (نقق)(فنُظر إمَّا إلى الغئور الظاهري أو إلى تجوف متصوَّر خلف الحدقة غارت فيه)، وكما في نقب الجدار ونحوه - في (نقب)، وكما في استخلاص النَقَذ قرَسًا (أو غيره) من بين القوم- في (نقذ)، وكما في تجوف نقير الخشب والحجر- في (نقر)، وكما في خلو أثناء الماء المذهب من الملح- في (نقص)، وكما في نقض البناء ونقض نسيج الخباء أو الكساء- في (نقض)، وكالنقع الماء المجتمع في البئر قبل أن يُسْتَقَي (والماء يُكيَّف ضمن الفراغ) - في (نقع)، وكما في نفاذ مشاعر الكراهة إلى القلب - في (نقم).