وأخيرًا فإن قولهم:"جاءوا الجماءَ الغفيرَ أي بجماعتهم الشريف والوضيع ولم يتخلف أحد وكانت فيهم كثرة "فهو من التغطية؛ لأن الكثيرين يغطون وجه الأرض. كما تعبر العامة عن هذا بأنهم "يسدون عين الشمس ". ولا يخفى أن الاستعمالات الأخيرة توسيع بترك قيد الحماية.
"الغُفْل (من الأَرَضِين) -بالضم: سبسبٌ مَيتَةٌ لا علامة فيها - والأَغْفَال: المَوَات. وإبل أَغْفال: لا سِماتِ عليها. وبلاد أَغفال: لا أعلام فيها يهتدى بها ".
وكل ما في القرآن من التركيب هو من الغفلة بمعنى عدم التنبه وما إليه:{فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ}[يونس: ٢٩] رجح في [بحر ٥/ ١٥٤] أن المستشهدين باللَّه هنا هم الأصنام لا الشركاء ممن يعقل كالإنس والجن والملائكة؛ لأن هؤلاء يشعرون بمن يعبدهم. {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ}[النور: ٢٣]: السليمات الصدور النقيات القلوب اللاتي ليس فيهن دهاء ولا مكر؛ لأنهن لم يجربن الأمور، ولا يفطنّ لما يفطن له المجرِّبات [بحر ٦/ ٤٠٥].