للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مرضعته) في السحاب من حيث لا يعلمون، فلم يشعر إلا وقد أُلْقِى على كرسيه ميتًا عتابًا له على تركه التوكل اللائق بالخواص. وقد تشكك الآلوسي في هذه الرواية أيضًا، فانظره واختر.

{وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} [الإسراء ٧٣] في [بحر ٦/ ٦١] أن (يفتنوك) هنا معناها يخدعونك بالمكر والتلبيس، وأن المقاربة {كَادُوا} سببها رجاؤهم أن يفتري على اللَّه غير ما أوحى اللَّه إليه -لا أنهم قاربوا ذلك، إذ هو -صلى اللَّه عليه وسلم- مقطوع له بالعصمة. وأقول أن تفسير الفتنة بالخداع متأت اشتقاقيا لأن الخداع مرحلة تؤدي إلى التحويل أي الافتتان. فيكون من تسمية الشيء بسببه. وقد سَمّوا الشيطان فاتنا وفتّانا. ووسوسته من جنس الخداع. ثم إن المقاربة من جهتهم ممكنة بكثرة الحيل والتلبيس. ولا عيب على أي إنسان في أن يحاول أحد خداعه ما دام هو لم ينخدع فعلا. فالتنبه يحول دون الانخداع، ومن ثم التحول (الافتتان)، ودون الاقتراب من الافتراء. فلا مساس بالعصمة. وقوله تعالى {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة ٤٩] تفسَّر الفتنة فيها بالاستنزال عن حكم اللَّه [بحر ٣/ ٥١٥] وهو من التحويل، وهذه الآية تؤكد مثابرة الكفار على محاولات فتنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشتى السبل. فإن سورة الإسراء أسبق نزولا من سورة المائدة.

° معنى الفصل المعجمي (فت): هو تكسير الهش وما يلزم التكسير من انفصال بعض الشيء عن بعض. وذلك كفتّ الخبز -في (فتت)، وتميز الفتى والأفتاء عن مرحلة الطفولة في - (فتو فتى)، وكما في معنى التوقف والانقطاع عن الأمر -في (فتأ) وتلزم النفي فيعبر بها عن الاستمرار، وكما في الفُرَج والفتحات بين الأصابع وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>