للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاقَّةُ} [الحاقة: ٣]. وورد التركيب بهذا المعنى في كل القرآن مسبوقًا دائمًا بنفي أو استفهام لتعلق الفعل بغيبي أو مجهول أو شيءٍ يعظم عن أن يحيط الإنسان به. وهذا يحقق ما قلنا في دلالتها. ومن أجل قيد كون العلم فيها مسبوقًا بخفاء قيل إنها لا تُسند إلى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنه تعالى لا يخفي عليه شيء، ولا يحتاج إلى احتيال (١)، فإن استُعْملت فعلي سبيل الاتساع في استعمال الألفاظ فحسب.

(دور- دير):

{الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} [فاطر: ٣٥]

"الدارَةُ: كلُّ جَوْبة تنفتح في الرَمْل وجمعها دُوْر. والدائرة: الحلقة. والدائرة والدارة: ما أحاط بالشيء كدارة القمر: هالته، وكل موضع يدار به شيء يحجُره فاسمه دارة. ودَوَّارة النَقَّاش والنَجَّار: (آلة) لها شعبتان ينضمان وينفرجان لتقدير الدارات " (فرجار).

° المعنى المحوري تحوِّى الشيء أو إحاطتُه حولَ شيء: كالدارة والدائرة. ومنه: "دارَ العمامةَ حولَ رأسه: لَفّها. ودار بالشيء وحولَه وعليه: طافَ حوله " [وسيط]: ومنه. "الدَارُ: المَحَلّ يجمع البناء والساحة، والمنزلُ المسكون (يحيط بساكنيه). وكل موضع حل به قوم فهو دارُهم (كلُّ موضع حلولٍ له حَرَم يحيط به وإن لم يكن جِدارًا): {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: ٨١]، {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: ٥]. وكل ما جاء في القرآن بلفظ (دار) أو (ديار) مضافًا فهو من دُور هذه الدنيا. {بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص ٤٦]: الحمد الباقي في هذه


(١) ينظر (الفروق) لأبي هلال (دار الآفاق الجديدة ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>