للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراغب تفسير الآية. والأقرب إلى القبول قول قر "والثقلان الجن والإنس سُميا بذلك لعظم شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من غيرهما بسبب التكليف ". ويمكن أيضًا أن يضاف أن الإنس هم الذين استُعْمِروا الأرض وسُخّر لهم ما فيها، وشاركهم الجنّ فيها. فتسميتهم ثقلين من الثقل المعنوي كما يوصف الشخص الكبير القَدْر بأنه ثقيل (١). ومِثْقالُ الشيء: ما ثَقُل ثِقَلَه: {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} [لقمان: ١٦]، {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} [الأعراف: ١٨٧]: روى [طب شاكر/ ٣/ ٢٩٥] عن السُدّى "خفيت في السموات والأرض " (لا يوصل إلى علمها فيحْمَلَ، أو من الخفاء اللازم لكون الشيء في باطن) ثم لما حاول [في ص ٢٩٦] ردها إلى ما هو ضد الخفة جاء في قوله ... فالأَولَى أن يكون هذا خبرًا عن إخفاء علمها عن الخلق ... اهـ. والأقرب إلى لفظ "ثقلت "ما جاء في [بحر ٤/ ٤٣٢] "ويعبَّر بالثقل عن الشدة والصعوبة - كما قال تعالى: {وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} [الإنسان: ٢٧] أي شديدًا صعبًا "اهـ. وأقول أنا إن هذا أقرب "للفظ لأنه نظر عربي، فما زلنا إلى الآن نعبر عن المادة العلمية التي يعسر استيعابها بأنها صعبة وثقيلة. والمسئول عنه في أمر الساعة هنا هو أمرُ عِلْم ميقاتها. أما ذكر السموات والأرض هنا فلأنهما سيَطِيح بناؤهما بقيامها؛ فلا عجب من ثقل علمها عليهما كما هو على أهلهما.

° معنى الفصل المعجمي (ثق): الغلظ أو الشدة في الشيء (الخارج): كما في


(١) وهذا تكييف عربي أصيل. قال النابغة أو زهير يمدح النعمان بن المنذر:
تراك الأرض إمامِتّ خِفًّا ... وتحيا إن حييت بها ثقيلا
وللبيت قصة تنظر في الموشح ٤٧ - ٤٨، والمعنى اللغوي د. محمد حسن جبل ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>