من ذلك "لطراوة عيش صاحبها بها "هذا ما قالوه. وأقول إنه يضاف إلى ذلك حِلُّ لحومها وألبانها ومنافعُ أصوافها وأوبارها وجلودها وكل ذلك منافع طيبة مستحبة في مقابل حُرْمة لحوم البغال والحمير وكذا لحوم الخيل على المشهور {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥] أي فجزاء من النعم مماثل لما قتل من الصيد، {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلا مَا يُتْلَى عَلَيكُمْ}[المائدة: ١].
ومن مادّي الأصل "النَعامة: الظُلّة (ظِلٌّ وطراوة)، والطريقُ (مَسْلك)، وخشبتان فوق البئر تُعَلَّق بهما البَكَرة (تيسر خروج الدلو). والنُعَامَى- كسُكارى: ريح الجنوب، لأنها أَبَلُّ الرياح وأرْطبها. والناعمة: الروضة ".
ومن إنعام الشيء بالدق جاء معنى الدقيق "أَنْعَم النظر في الشيء: أطال الفكرة فيه وتدبر، وأنعَمْتُ الشيءَ: بالغْت (في إحكام عمله)، أنعَمتْ الشمسُ: بالغتْ في الطلوع (تغلغلت في جوف الأفق). وأَنْعم أن يُحْسِن أو يُسِيء: زاد ". وفي الحديث الشريف "وإن أبا بكر وعمر منهم (أي من أهل عليين) وأَنْعَمَا "(دخلا في وسطهم وتغلغلا لا أنهما لحقا بهم بمشقة حتى كادا لا يلحقان).
ومن الأصل نَعَم -بالتحريك وككتف- في الجواب بالإيجاب، إذ هي تعبر عن تصديق ما تقدم: ماضيا أو مستقبلا مثبتا أو منفيا [مصباح] وهذه سهولة ويسر لأنها موافقة. وكل ذلك مما يناسب الليونة والرقة والطراوة في الأصل.