المكر (ومأخذ هذا من الأصل واضح) ويكون ذلك التدبر لخير أو لشر. وأقرب ألفاظهم له هو الكيد. وبهذا المعنى فنسبته إلى العلي الأعلى لا تحتاج إلى تأويل بخلاف ألفاظهم. {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا}[الأعراف: ١٢٣]. (دبرّتموه فيها لهذا الغرض){وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ}[الأنفال: ٣٠]، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الْمَاكِرِينَ (٥٤)} [آل عمران: ٥٤]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بهذا المعنى. {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} أي المكر العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ} أي عِلمُ مَكرِهم فهو مطّلع عليه فلا يُنْفِذُ لهم فيه قَصدا، أو وعند الله جَزَاءُ مكرهم وهو عذابه لهم {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}[إبراهيم: ٤٦] بفتح لام (لتزول) الأولى: أي لَتقرُبُ زوال الجبال به. فهو كيد عظيم، أو (إن) نافية و (الجبال) مجاز عن دين الله وأقداره. وأما بكسر لام (لتزول) فالمعنى أن مكرهم شديد معدّ لتزول منه الجبال. [ينظر بحر ٥/ ٤٢٥ - ٤٢٦] و {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ}[يوسف: ٣١] قيل إن المقالة التي حكتها الآية السابقة لهذه إنما قَصَدن بها المكر بامرأة العزيز ليُغضِبنها حتى تعرض عليهن يوسف ليَبِينَ عذرها أو يحق لومها. [نفسه ٥/ ٣٠١].