مِفْعيل من: سَكَن، كالمِنْطيق. ولذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أَحْيني مسكينًا "أي مُخْبِتًا مطمئنًا. وقد استعاذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الفقر: فلا يكون الفقر من صلب معنى المسكنة. وقد يكون المسكين مُقلًّا أو مكثرًا، والأصل فيه شدة القرار ويصدق هذا بعدم التصرف والاحتيال). فمن المساكين الأغنياءِ ولكنهم ضعاف {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}[الكهف: ٧٩] ومن الفقراء {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ}[القلم: ٢٤] أي لطلب الصدقة. ومن أجل أن المسكنة لا تحمل معنى الفقر ضرورة جاء التخصيص في قوله تعالى:{أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}[البلد: ١٦] ولم يجتمع الفقير والمسكين في آية واحدة إلا في آية الصدقات. ومما لا ينبغي إغفاله أن القرآن الكريم لم يذكر لفظ الفقير بين المتصدَّق عليهم عند الحض على الصدقة إلا في ثلاثة مواضع {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج: ٢٨، والبقرة: ٢٧١، والتوبة: ٦٠]، في حين أنه ذكر المسكين في تسعة عشر موضعًا، كما أن آية {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ}[القلم: ٢٤] تُثبت وقوع التسول من المساكين (وهذا من العجز وقلة الحيلة) ولم أجد مثل ذلك للفقير. الخلاصة أن الملحظ في المسكين هو شدة القرار للتسليم أو لقلة الحيلة والعجز ونحوهما، واليهود {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ}[البقرة: ٦١] وهم أكثر أهل الأرض مالًا؛ فليس الخلو من المال من أصل معنى المسكنة. وأما الفقير فهو أصلًا الخالي من المال، وقد تكون عنده صلابة السعي والكدح، وإن بقي في حاجة إلى الصدقة؛ لأن حاجاته أكثر مما يكسبه. أما المسكين ففيه استكانة واستسلام. وفي الحديث الشريف: "ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان،