وقد استعمل السمع والإسماع في القرآن كثيرًا إثباتًا ونفيًا بمعنى القبول لما يُسْمع - وهو قريب إلى المعنى المحوري كما هو واضح، وكثيرًا ما عبر المفسرون عن هذا القبول بسببه وهو الفهم والتدبر، إذ هما أيضًا لا يكونان إلا بالنفاذ إلى القلب. ينظر ما قال [قر] في {وَاسْمَعُوا}[المائدة: ١٠٨]{الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}[الأنعام: ٣٦]، {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}[الأنفال: ٢٣]{لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}[النحل: ٦٥, الروم: ٢٣][قر ٦/ ٣٦٠ , ٤١٨، ٣٨٨, ١٠/ ١٢٢، ١٤/ ١٨] على التوالي. وهناك أيضًا آيات [الأنفال: ٢١، يونس: ٦٧، الفرقان: ٤٤، فصلت: ٤] وفُسَّرت بنفس ما قلنا أو بقريب منه. وقوله تعالى {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}[الأعراف: ١٠٠] هي أقرب لما قلنا إذا عُدَّ {فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} فرعا على الطبع، فتكون حجة في استعمال السمع لمعنى الفهم بالقلب. لكن لم يقف عندها في هذا إلا الفخر الرازي إذ قال:"لا يقبلون ولا يتعظون ولا ينزجرون. وقال البيضاوي: "بمعى سماع تفهم واعتبار "فجعله كمذهبهم في كل الآيات التي ذكرناها هنا. هذا، وكل ما في القرآن من التركيب عدا ما في هذه الفقرة هو من سماع الأذن - إلا في وصف المولى عز وجل فهو عِلم ما يقال بكيفة يعلمها عز وجل. {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة: ١٢٧]. ويأتي لفظ (سميع) بمعنى اسم الفاعل من (أسمع). (أمِن رَيْحانةَ الداعي السميعُ).
و"السِمْع - بالكسر والفتح وكسحاب: الذِكر المسموع. وسَمِع له: أطاعه " (استعمال في لازم السمع) كأن السامع على الحقيقة هو من يُنفّذ ويجيب، وإلا فكأنه لا يسمع. وأما "السِمْع - بالكسر: ولد الذئب من الضبع "فهو من الأصل (فهو خَلْقٌ نَزَعَهُ عِرْقٌ) أي نفذ من نوع الذئاب إلى نوع الضباع).