ولين التربة إنما هو من تسيُّبها وتفكُّكها بفراغ ما بين ذراتها، وكالظُلة، وسهوة البيت؛ فإنما هي فراغات محاطة كأنها متخلَّلة.
ومن ذلك:"السَهْو والسَهْوة: نسيان الشيء والغفلة عنه (يذهب من خلال الذهن ولا يضبطه الذهن أو يُمسكه؛ فتخلو منه أثناؤه){الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: ٥]، {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات: ١٠, ١١]. وفي ضوء ما سبق يمكن أن نقول إن في السهو إهمالًا وتراخيًا في ضبط المسهوّ عنه وإمساكه في القلب؛ ولهذا فالساهي مسئول. وذم الساهين في الآيتين يحقق هذه الملاحظة. قال [قر في الآية الأولى ١٧/ ٣٤] أي لاهون غافلون. وأورد في الثانية [٢٠/ ٢١٢] حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساهين عن الصلاة أنهم "الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها تهاونًا بها ". وقال ابن الأثير: "السهو في الشيء: تَرْكه عن غير علم، والسهو عنه: تركه مع العلم " [ل](ولعله يقصد العلم به مع أمور أخرى تشغله عنه) ومردّ هذا الفرق إلى الحرفين "في "و "عن ".
= (فراغ الذهن من الأمر). وفي (سهر) تعبّر الراء عن الاسترسال. ويعبر التركيب معه عن جريان (: استرسال) مائع من مصدره كساهور عين الماء، وكأن الأصل أن هذا الجريان يستمر إلى الإفراغ، بل هو في ذاته إفراغ وهو ما تعبّر عنه الهاء. فهذا يؤكد لزوم الجفاف كما يتمثل في الفلاة والسهر. وفي (سهل) تعبّر اللام عن نوع من التميز والاستقلال يتمثل في تسيب رمل السِّهْلة، وتميز السهل عن الجبل والحزن. وفي (سهم) تعبّر الميم عن التئام الظاهر، فعبّر التركيب عن التئام الظاهر مع فراغ، أي خُلُوًّ من الغلظ، كما في السهم القِدْح وهو مستو ملتئم ضامر، وكالسُّهام: الضمر.