الحرب يريد أن يَقْتُل أو يُقتَل لا محالة (حبس نفسه في موطن كريه). وأبسلته: أسلمته للهلكة {أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا}[الأنعام: ٧٠] أُسْلِمُوا وارْتُهِنوا بجرائرهم "، كما يقال: أُخِذَ (أي أُمْسِك) بجُرْمه. {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ}[الأنعام: ٧٠]: تُسْلَم للهلاك والعذاب بعملها، كقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر: ٣٨]. وكان عوف بن الأحوص رَهَنَ بنيه عند قوم - لما حَمَل ما كان لهم عند آخرين، وسعى هو للاصلاح بين الفريقين - فرهنهم بنيه ليثقوا في سعيه، وقال في ذلك:(وإبسالي بَنِيَّ بغير جُرْم ... بَعَوْناه)
يعني رهْنَه إياهم. وأما الزعم بأن كلمة بَسْل من المتضاد، وتعني الحرام مرة، وتعنى الحلال أخرى، استشهادًا بقول الأعشى:(أجارتكم بَسْلٌ علينا مُحرَّمٌ) أي شيء محرم، في حين أنها في قول ابن همام:(دَمِي إن أُحِلّتْ هذه لكمُ بَسْلُ) أي حلال لكم، فذلك الزعم باطل، وهي تعني في الموضعين رهنٌ. ففي الأول رهن محبوسة عنا، وفي الثاني رهن محبوس لكم؛ ولا تضاد.
ومن ماديّ المعنى المحوري: "البَسْل: نَخْل الشيء في المُنْخُل. ومنه كذلك: البَسْل: أخذ الشيء قليلًا قليلًا، وعُصَارة العُصْفُر والحناء. وأَبسَلَ البُسْرَ: طبخه وجففه ". فكل ذلك يتم بنوع من الحبس: في المنخل، أو بتحبسٍ، أو بالعَصْر والتجفيف لإمكان الاختزان، وهو حبس. "والبُسْلة - بالضم: أجرة الراقي خاصة " (نوع من الابتزاز فتُمْتَلك بكراهة).
ومن المعنى المحوري أيضًا: "بَسَل الرجلُ بُسُولا وهو باسل وبَسْل - بالفتح، وبسيل، وتبسّل: عَبَس من الغضب أو الشجاعة. وتبسَّل لي فلان: إذا رأيتَه كريه المنظر فظيع المَرآة " (حبس حدةٍ في الباطن) - "والباسل: الأسد،