وتخط للحق وعدوان. {قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ}[القلم: ٣١] يلحظ أنهم لما ازداد إحساسهم بفحش ما ارتكبوا وصفوا أنفسهم بالطغيان بعد أن كانوا وصفوها بالظلم.
ومن ذلك الأصل "الطاغية: ملك الروم "- إذ كان المُلْك ينتزع بالقهر والغَلَبة (يَغْشَى ويغطِّى كل الأقران والمنافسين ببطشه). وقالوا أيضًا (الطاغية ما كانوا يعبدون من الأصنام هذه طاغِيَةُ دَوْس وخَثْعَم: صَنَمُهم). وهو من غشيان الجميع بالسيادة والقهر على زعمهم. وكذلك يقال للصنم طاغوت، ثم يقال لكل ما يُعبَد من دون اللَّه، ولكل رأس في الكفر، وللشيطان. وكل ذلك من الغشيان بغلظٍ وقوةٍ مُلْكٍ أو رياسة أو تسلّطٍ بالوسوسة - ولو توهُّما {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}[البقرة: ٢٥٦] في [بحر ٢/ ٢٨١ والمصباح] أن أصلها ظغووت (فَعَلوت) قدمت لام الكلمة فقلبت ألفًا. أما المراد بالكلمة فهو الشيطان، أو الساحر، أو الكاهن، أو ما عُبِد من دون اللَّه [بحر ٢/ ٢٩٢] والأخير أرجح في هذا السياق، وفي سائر مواضعها. وقد قيل في [النساء: ٦٠] بغيره. هذا، ووجود التاء في آخر الطاغوت لا يَصِم الكلمة بالعجمة فلها نظائر: جَبَروت ورَحَموت ورَهَبُوت ومَلَكُوت الخ.
فالكلمة من حيث مأخذ معناها من الأصل واضحة، ومن حيث الصيغة لها نظائر فلا سند يعتمد عليه زاعمو تعريبها.