العرق والأنف ومتابعة القيء من كثرة المختزن منها، وكما في استمرار تقدم الدابة (والسير بذل من مذخور القوة، ومنه التباعد). ومن مادى ذلك "عَقَبَةٌ عَنُود: صَعْبة المرتقىَ "فهي حاجز دائم تحبس من تعترضه فلا ينفذ منها.
ومن معنى المخزون ما قالوه في تفسير "أَوَلَهُ عِنْد؟ ردًّا على من قال "هو عندي كذا "بأنه يُقْصَدُ بالعِنْد هنا: القَلْبُ والمَعْقُول واللُبُّ [ل ٣٠٣، ق] أي (لُبٌّ باطن أو فِكْرٌ مُخْتزَن)، ومنه قالوا "عَنَد (جلس): عتا وطغى وجاوز قدره. (مما اختزن في قلبه) والعنيد: الذي يرد الحق مع العلم به "ومن هنا "المعاندة: المعارضة وعدم الانصياع " (فهذا وذاك استمرار على موقف وعدم اكتراث بالدعوة للتوقف عنه){أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}[ق: ٢٤]. وكذا كل (عنيد).
وقولهم "إن تحت طِرِّيقَتِكَ لعِنْدَأْوةً: أي تحت لينك نَزْوةً وطِماحا " (أي إصرارًا واستمرارًا).
ومن الاختزان جاءت (عند) الظرفية "حضور الشيء ودنّوه "فهي كالحيز للشيء. وقالوا إنها تعبر عن أقصى نهايات القرب "[ل ٣٠٣/ ١١] ولا يقال مضيت إلى عندك. وتأمل {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ}[البقرة: ١٤٠]، {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا}[الأنعام: ١٤٨]. (العلم والشهادة محلهما القلب){فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ}[القصص: ٢٧] ومن استعمالها في القرب الشديد {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ}[الأعراف: ٢٠٦]. {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ}[التكوير ٢٠] الكينونة اللائقة من شرف المنزلة وعظم المكانة [بحر ٨/ ٤٢٦] وليس في القرآن من التركيب إلا صفة (عنيد) و (عِنْدَ) الظرفية.