الأرض يَبْقَى وينبُتُ فيَظلّ عالقًا، وكالشحْم والسِمَن في الجوف، وكالماء في بُلْبُل الكوز لا يتسيب ولا يتبعثر، وكالحُرّة في الهودج يضمها. (ومنه البُلْبُلة التي تُعلّق في عنق الحمار ونحوه فيها حصاة). ومن ذلك: حديث لقمان: "ما شيء أَبَلّ للجسم من اللَهْو. والمعنى: ما شيء أشدّ تصحيحًا وموافقة للجسم منه "(أي يملأ البدن رِيًّا، والمقصود الانشغال عما يغمّ النفس بما لا يخالف الشرع).
والحصول في الأثناء إمساك وامتساك فيها، وله صور كثيرة:"الأبلّ: الرجل المَطُول الذي يَمْنَعُ (يمسك) ما عندَه من حُقوق الناس بالحَلِف ". "وأَبَلّ الرجل: امتنع وغلب (تماسك). والمُبِلّ - بضم فكسر: الذي يُعْييك أن يتابعك على ما تريد (مستعص متماسك). وصفاة بَلّاء: ملساء (ويكون ذلك من شدة اكتناز جِرمها وتماسكه) والأبلُّ: الرجل الشديد الخصومة "(انظر لدد).
ومن صريح ذلك قول ابن الأنباري في شرح قول طرفة:
إذا ابتدر القومُ السلاحَ وجدتَنِي ... منيعًا إذا بَلَّتْ بقائِمِه يدي
: "أي عَلِقَتْ بقائمه يدي وظَفِرَتْ به يقال: بَلِلتُ به: ظَفِرتُ به " [شرح
= (وبل) تسبق الواو فيتحول الاشتمال ليصير كثافة وغلظًا للشيء كله كالوبيل. وفي (إبل) تسبق الهمزة بضغط يؤكد حصول اللطيف في الحوزة كما في رِيّ الإبل، أي صبْرها عن الماء بما يعطي انطباعًا بتخزينها الماء الذي تحتاجه. وفي (بلد) تضيف الدال معنى الضغط والحبس، ويعبر التركيب عن جلادة الظاهر بحيث يحبس في أثنائه ما يفترض أنه فيها فلا ينفذ منها كعدم نفاذ الشعر أو النبات من البَلْدة. وفي (بلس) تعبر السين عن حدة نافذة في أثناء ذلك المتجمع كما في البَلَس (التين)، والبُلُس: العدس. وفي (بلع) تعبر العين عن معنى الالتحام الرخو، فيعبر التركيب عن صحب مثل تلك المادة إلى الجوف. وفي (بلغ) تعبر الغين عن نحو الغشاء القوي الممتد، فيعبر التركيب عن وصول شيء إلى ما به قوة جرمه، أو وصول شيء قوي إليه.