الجفاف، كما قالوا: عام الرَمادة، من الرَماد: دُقَاق الفَحْم من حُراقة النار.
بقى من هذا الجذر كلمة إبليس وهي عند الكثيرين معرَّبة [الجواليقي شاكر ٧١، ف عبد الرحيم ١٢٢)، دائرة المعارف الإسلامية ١/ ١٨٥] لكننا نتبين بوضوح أن اللفظ والتسمية هي من المعنى الذي ذكرناه: فقد ذكر القرآن الكريم إبليس في مواضع ذكره (أَحَدَ عَشَر موضعًا) - عارضًا إباءه السجود لآدم استكبارًا لأنه - في زعمه - خير من آدم، إذ هو خُلِق من نار وآدمُ من طين. ولما لُعن وطُرد قال:{لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر: ٣٩] فهذه طبائع مخلوق يُكنّ في طويته فسادًا وكفرًا بعصيانه ربه - وهذه محادّة وخشونة، ويكنّ كِبْرًا وهو غلظ ومشاعر حادّة نحو غيره، وحِقدًا جعله يُقسم أن يغوي ذرية آدم، والحقد غلّ وحرارةُ جوف. ثم إنه لقى من جزاء تكبره ما أمضّه وأحرق قلبه غيظًا ومزيد حقد وعجرًا - وهذا تأويل اسمه على الفاعلية والمفعولية معًا. وعلى الوجهين فاللفظ مأخوذ بوضوح من المعنى الذي ذكرنا.
وهنا وجه آخر لتسميته قد يكون أوجه مما سبق وهو أنه مسمىَّ بعمله وهو الوسوسة، وهي الكلام الخفيّ، وحديث النفس، والحديث إلى النفس "وسوس في صدره الشيطان: حدّثه في نفسه "والتركيب أصيل في التعبير عن عدم التصويت وعدم إظهار صوت كما في "أبلس الرجل، وأبلست الناقة "وقد ذكرناهما.
بقى من ركائز القائلين إن اللفظ معرّب أنه ورد في القرآن ممنوعًا من الصرف، ولا علة لذلك مع العَلَمية إلّا العُجمة - على دعواهم. وهذا مردود بأن العَلَمية وحدها تكفي علّةً لمنع الصرف عند كثيرين؛ لأن للعَلَمية من القوة ما ليس لغيرها، ولورود السماع (أي سياع منع العَلَم من الصرف لعلة العَلَمية