للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} [الإنسان: ١٦] على قَدْر رِيّهم أو أَكُفهم أو ارادتهم [قر ١٩/ ١٤١] وكل (قَدَّر) إما لبيان القَدْر المادّيّ، وإما بمعنى التهيئة للقدْر أو إحكامه والقضاء به ماديًّا أو معنويًّا حسب السياق. ومرجعه (عند البشر) إلى المقايسة). {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢] أحدث كل شيء إحداثًا مراعًى فيه التقدير والتسوية فقدّره وهيأه لما يصلح له، أو أوجده غير متفاوت [كشاف ٣/ ٢٥٦] {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: ١٢] (أي قضاه الله تعالى).

ومن هذا استعمل التركيب في معنى التضييق من كون الشيء على قَدْر الشيء دون زيادة. والقرآن الكريم كثيرًا ما يعبرّ عن التوسعة بنفي الحساب {بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: ٢١٢]. ومن هنا يعدّ الحساب تضييقا، لأنه تحديد {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: ١١] (الحلقات الضيّقة تمنع نفاذ السهم إلى البدن، وهذا فيه إحكام صنع أيضًا)، {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: ١٦] (ضَيَّقه)، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: ٨٧]: لن نضيق عليه (بأن نُلزمه بمزيد من الصبر على قومه) أو هو من القَدَر: القضاء والحكم أي لن نحكم عليه بعقوبة [قر ١١/ ٣٣١]. والأول هو الصواب، لأن الثاني يعني أنه كان يعلم أنه مخطيء في تصرفه.

ومن إمساك الشيء وضبطه لا يتسيب عبّر التركيب عن القُدْرة: الطاقة. "قَدَر على الشيء (تعب وضرب ونصر قاصر) واقتدر عليه: قَوِىَ عليه " {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: ٤٥]. وما لم نذكره من مفردات التركيب القرآنية هو من القدرة بمعنى الطاقة.

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١]: التقدير لأن الله تعالى يقدّر فيها ما يشاء من أمره في الموت والرزق والأجل وغيرها إلى سَنَة [قر ٢٠/ ١٣٠]. أما

<<  <  ج: ص:  >  >>