° المعنى المحوري وجود الشيء في الحيز متاحا مهيأً للتناول أو الوصول إليه. كاللبن في القربة، والسيف في الغمد. والماء في البئر الموصوفة قريب التناول، وكما في حال الإناء والصَحْفة المذكورتين يُتناوَل منهما عن قُرب. ومنه "قَرَبْت الماء: طَلَبْتُه (سعيت لتناوله) وأقربَتْ الحاملُ: دَنا وِلادها " (تهيأت أو تهيأ وصول الولد).
ومنه القُرْب المكاني (إمكان اتصال أو وصول، وكلاهما وجود في نفس الحيز){مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}[سبأ: ٥١] وكذلك الزماني {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}[النساء: ٧٧]. ثم القرب المعنوي قُرْب المنزلة {أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ}[التوبة: ٩٩]، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}[مريم: ٥٢]، {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا}[المائدة: ٢٧]. هو ما يُتَقَرَّبُ به {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}[العلق: ١٩].
ومن ذلك "القريب "من القرابة النسبية للاتصال كأنهما في نَفْس الحيّز. ولعله أصلًا من المشاركة في البطن {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}[النساء: ٧].
ومن التهيؤ الأخذُ في الأسباب، ومن هنا يتجلى معنى النهي في الآية التالية وأمثالها {وَلَا تَقْرَبُوا الْزِّنَى}[الإسراء: ٣٢]. ويمكن تلخيص الأمر في أن مفردات هذا التركيب تدور معانيها بين القرب المكاني والزماني، والنَسَبِيّ، وقرب المنزلة. فكل (لا تقربا، لا تقربوا) مَكْنِىّ جمها عن تجنب التناول أو الممارسة (أي البعد عن) عدا ما في [التوبة: ٢٨]{فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} فهي لمنع