فالآية التي قبلها:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [انظر طب ٣/ ٢٦٠، والكشاف ١/ ٢٤٨. قال (طب) في هذه [٣/ ١٥٩]: "والبيّنات "التى أنزلها الله: ما بَيَّنَ من أمر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومَبْعثِه وصفته في الكتابين (التوراة والإنجيل). {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ}[البقرة: ٨٧]"هي ما أُظْهِر على يديه من الحُجَج والدلالة على نبوته: من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، ونحو ذلك من الآيات التي أبانت منزلته من الله، ودلت على صدقه وصحة نبوته "[طب/ شاكر ٢/ ٣١٨](فالبينات هنا تعني المعجزات تثبت صدق دعوى النبوة بأمور ظاهرة واضحة للجميع). {كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ}[البقرة: ٢١١]: "واضحة أنها من أدلتي على صدق نُذُرِي ورُسُلي "[نفسه ٤/ ٢٧١] أي أنه يفسر البَيّن - كسيِّد - من المتعدي واللازم، وهي في [ق] من اللازم، كما يوافق القواعد، فهي آيات بينات أي ظاهرات واضحات في نفسها؛ فتُسَلَّم بلا جدال، أو في أنها من عند الله. {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ١٩]: "ظاهرة بَيِّنة للناس أنها فاحشة، مبيَّنة (على المفعولية): قد بُيّنَتْ لكم وأُعْلِنَتْ وأُظْهِرت "[طب شاكر ٨/ ١٢١]. بان الشيء واستبان وبيّن وتبين وأبان: ظَهر ووضَح: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام: ٥٥](تتبيّن)، {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[البقرة: ١٦٨](واضح أمره تمامًا، وهو أيضًا مجاهر بعداوته لكم): {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[ص: ٨٢ وينظر الأعراف: ١٥، ١٦]، وقد حذَّرَنا الله تعالى منه:{يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ}[الأعراف: ٢٧]، وآيات أخرى كثيرة في المعنيين.