من هذه المعاني {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: ٦٧]- كسحاب أي عدْلًا (لا ميل إلى أي من الطرفين، وقرئ - ككتاب أي كان فيه مِلاك حال وسَداد){وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: ٥] أي الملة القيمة المعتدلة {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}[البينة: ٣] مستقيمة ناطقة بالحق. وكذا {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا}[الكهف: ٢]{دِينًا قِيَمًا}[الأنعام: ١٦١] مستقيمًا أو ذا استقامة. {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[التوبة: ٣٦]: القضاء المستقيم، أو الشرع القويم إذ هو دين إبراهيم [بحر ٥/ ٤١]{فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: ٤] المراد حسن هيأته وصورته، وتزيينه بالعقل والتمييز والبيان [بحر ٨/ ٤٨٦].
ومن القيام والانتصاب {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ}[البقرة: ٨٥] أي {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين: ٦] من رَقْدَة القبر مِنْ قَامَ، كالزيارة من زار. وزعم تعريبها [ل] في هذا التركيب البالغ الاتساع يكشف عن فراغ كبير في رءوس أصحاب هذه الدعاوى.
وكلمة (مقام) هي في الأصل مصدر ميمي أو مكان القيام {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥، وكذا ما في آل عمران: ٩٧] وعُبّر به عن المجالس [الكشاف ٣/ ٣٠٢] وعن الرتبة والحدود التي يشغلها الشيء {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}[الصافات: ١٦٤] أي في العبادة والانتهاء إلى أمر الله تعالى مقصور عليه لا يتجاوزه - تبرءوا مما ما نَسَب إليهم الكفرة، فأخبروا عن حال عبوديتهم [بحر ٧/ ٣٦٢ - ٣٦٣]{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي}[إبراهيم: ١٤] مقام يحتمل المصدر والمكان. المصدر بمعنى: قيامي عليه بالحفاظ لأعماله ومراقبتي