وتجرد الوجه من اللحم، ففي [تاج]"وجه كره - بالفتح وكريه: قبيح "وفي (قبح)"القبيح طرف عظم المرفق "فالقُبْح نتوء العظام متعرية من اللحم. ومن ذلك الردّ الذي هو نتوءُ صُلْب بجانب غئورٍ أُخِذَ معنى الكراهة. فهي صَدّ وردّ أي عدم قبول. فالقَبول دخولٌ وتغلغلٌ في النفس، {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء: ١٩]، والكرْه - بالفتح: الإكراه، وبالضم المشقة (أحد قولين) ويكون كل منهما بمعنى المكروه. لكن في الضم بالأصالة، وفي الفتح معنى الإكراه هو الأصل، والصيغة تقبل التأويل بـ (مكروه). {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢١٦]، {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}[فصلت: ١١]. قال الزجاج "كل ما في القرآن من الكره - بالضم فالفتح فيه جائز إلا آية [البقرة ٢١٦]{وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}[المصباح]. ومن الكراهة الإكراهُ لأنه تكليف وقسر على ما ليس مرغوبا {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ}[طه: ٧٣]. ومن الصور الحسية للردّ والدفع الذي أخذ منه معنى كراهة الشيء "ذو الكريهة من السيوف هو الذي يمضي في الضريبة "أي يندفع فيها. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من معنى كراهة الشيء أي عدم قبول النفس إياه، أو الإكراه: حمل الإنسان على فعل ما يَكره. وسياقاتهما واضحة. {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} قصر النهي على الإكراه ليس لإجازة البغاء بالرضا، وإنما لأن الفتيات هنا هن الإماء، ومن عملهن التنقل هنا وهنا للخدمة، فيتاح لهن من الغياب عن الرقابة ما لا يتاح لغيرهن. فيكلون إطلاق نهي سادتهن عن تمكينهن شاقًّا، لأنه يتطلب أن يكون وراء كل أمَة حارس. فاقتُصِر على النهي عما كان من إستغلال بعض (السادة) إياهن في الباء.