للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] ويمكن التعبير عن الاستمرار هذا بجريان عادته سبحانه وتعالى مع عباده طائعين أو عصاة كلّ على حسب ما يقضي فيه سبحانه. والدالة على لزوم الوصف مثل {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤]، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] ومن هذا أيضًا: "كان "الناقصة، ولعلّ أصلَ خَبَرِها بيانُ حال الكينونة تلك {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: ٢٨٣].

ومن التحول قولُهم: "لا كانَ ولا تكوَّنَ، أي: لا خُلِقَ ولا تحرَّكَ (تحوُّل). وبالتحول فسِّر {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: ٥٠]، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: ٨٩]، {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٣٤] قيل كان هنا بمعنى صار [قر ١/ ٢٩٦] وكذلك: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود: ٤٣] وشاهدها:

... والمَطِيُّ كأنّها ... قطا الحَزْنِ قد كانت فِراخًا بُيُوضُها

أي قد صارت.

ومن اللَيّ في الأصل قولهم: "كانَ عليه كَوْنًا وكِيَانًا واكْتَانَ: كَفَلَ عليه/ تكفَّلَ به " (انطَوى عليه والتفَّ عليه = احتواه) ومنه قول الطِرِمّاح:

وإني لآتيكُمْ تَشَكُّرَ ما مضى ... من الأمر واستنجازَ ما كان في غدِ

كأنما يقول: ما استَكَنّ (انطوى) في غد. ويقال: "مضيتُ على مَكَانَتِي ومَكِينتي أي: طِيَّتي " (وهي مطوية في الصدر).

ومن هذا الأصل: المكانُ، وهو موضع الكَيْنونة، أي الوجود {فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} [مريم: ٢٢]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من (كان)

<<  <  ج: ص:  >  >>