الحق جل جلاله نور لا يحاط بكنه حقيقته، بيده كل شيء: العالم كله مما هو أدق من الذرة إلى ما هو أعظم من كل مجرّة عِلمًا وملكًا وإيجادًا وتصريفًا وإفناء. وأستغفر الله من قصور العبارة. وكل ما جاء من مفردات هذا التركيب فهو إما الإله الحق سبحانه ومنه لفظ الجلالة أصله (الإله) حذفت الهمزة، وأدغمت اللام في اللام. وإما ما اتخذه المشركون إلاهًا وجمعه آلهة تعالى الله عما يصفون. والسياقات واضحة في المراد. وفي [طب ١/ ١٢٢] و [تاج] أن الإلاهة تعني العبادة. ومنه يكون (الإلاه) تعني المعبود. والتعبير عن العبودية والمملوكية هو من أول لوازم اعتقاد الألوهية. [ينظر تركيب عبد هنا]. وقد رد بعضهم لفظ (إلاه) إلى أَلِهَ- كفرح بمعنى: تحيَّر، أو لجأ إلى كذا (وينظر [تاج]- أله).- لكن ما قلناه -أوفق لمنهج هذه الرسالة. والله أعلم {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}[الأعراف: ١٨٠]- ونعوذ بالله أن نكون منهم. {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[النحل: ٦٠]، {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الروم: ٢٧]. {مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}[الفرقان: ٤٣، الجاثية: ٢٣] أي أقام الإله الذي يعبده هواه، فهو جارٍ على ما يكون في هواه. والمعنى أنه لم يتخذ إلهًا إلا هواه [بحر ٩/ ٤٥٩] أقول: وفي الآية إثبات لدخول الطاعة ضمن معنى عبادة إله. وهو معنى كان محل تساؤل عدي بن حاتم عن حقيقة اتخاذ اليهود والنصارى الأحبار والرهبان أربابًا [التوبة: ٣١] فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بأنهم كانوا يطيعوضهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله [ينظر طب تركي ١١/ ٤١٦ - ٤٢١] والطاعة من صميم لوازم المملوكية في معنى (عبد). وقد قالوا أن لفظ (اللهم) الميم فيه بدل عن ياء النداء فمعناها يا ألله، والأقرب إلى نفسي أنها بمعنى يا من هو إلهي.