كالتِمثال، ومُلْمُول السِمة، والنصل. ومنارة المِسْرَجة تُمسكها وتَنصبها على هيئة خاصة. وكالشيء الشاخص المنتصب يستوفي بهذا هيأتَه الكاملة جامدًا أو مُمتَسَكًا عليها. فهذا الأصل الذي حددناه يشمل ملحظين معًا: تشخُّص الشيء وتماسكه كتلةً قائمةٌ بذاتها متميزة، وعُلوق تلك الكتلة المجسّمة هيأةً أو شَبَهًا أي صفات معينة. ثم قد يبرز أحدهما أكثر من الآخر. فمما اجتمع فيه الملحظان: التمثال وجمعه {وَتَمَاثِيلَ} كما في [سبأ: ١٣] وما في الأنبياء: ٥٢]. ومما برز فيه الملحظ الأول:"مَثُل: انتصب قائمًا "كما مر - "وتماثل العليلُ: قارب البُرْءَ (كما نقول: قام من مرضه)، وامتثل طريقةً: تَبِعها فلم يَعْدُها "(هيأة انتصب فيها واستقام عليها). وكذلك قولهم:"كلما ازداد مَثالةً زاده الله رَعالة "- كسحابة فيهما. والرَعالة؛ الحُمْق. وفسَّر ابن بَرِّيّ المثالةَ بحسن الحال [ل ٣/ ١٣٥]، ولعل التفسير بالجَسَامة والطول أنسب. ومما برز فيه الثاني:{فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَويًّا}[مريم: ١٧]، {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ}[آل عمران: ٧٣](ما يشبهه). وكذا كل (مِثْل) هو بمعنى شِبْه. والشَبَه قد يكون في القَدْر كما في {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ}[النساء: ١١، وكذا ما في ١٧٦ منها]، وقد يكون في الصفة:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ}[البقرة: ١٣٧]، أي فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم. فالمثلية إنما هي في الاعتقاد المفصّل (الموصوف) في الآية السابقة. وكذا {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}[الشورى: ١١] أي كصفته تعالى العليا. وليس معنى طلب الإتيان بمشابه لشيء ما، أو بما له صفات شيء ما، أن هناك في الواقع شيئُا آخر مشابهًا، فالمطلوب قد يوجد وقد لا يوجد - {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}[النحل: ٦٠، الروم: ٢٧]: الصفة العليا. {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي