الحَبْل الأول، فإذا انقطع المنينُ بقى الكَرَب "اهـ. وعلى ذلك فما جاء في [ل منن] "حَبْلٌ منين إذا انقطع وخلق "غير دقيق وإنما هي تسمية بما كان، وكذا قولهم "حبل منين ضعيف "إنما هو ضَعْفٌ نسبي. والمنين الحبل المذكور لا بد أن يكون قويًّا، إذ إنه يحمل الدلو المملوءة ماء- لكنها قوة محدودة، حيث لا يُكتَفَى به، ولا يُعتَمد عليه اعتمادًا كليًّا لأنه لا يُؤْمَن أن ينقطع.
ويشهد لهذا كله قول الراجز:
باريّها إن سَلِمَت يميني .. وسَلِم الساقي الذي يليني .. ولم تَخُنِّي عُقَدُ المَنين
فنلحظ أن المنين هو ما يُشَدّ به الدلو، وأنه يخشى أن يخُونه أي ينقطع. وانظر كذلك لقول أبي محمد الأسدي:
إذا قَرَنْتُ أربعًا بأربع ... إلى اثنتين في مَنِينٍ شرجع
قال: "أي أربعَ آذان بأربع وَذَمات (= سيور بين آذان الدلو والعراقي تُشدّ بها) والاثنتان عَرقُوَتا الدلو "فتعليق هذه الدلو بمنين شرجع أي طويل يعني أن المنين حبلٌ ذو قوة]. وقد جاء في [ل] "كل حَبْل نُزح به أو مُتِحَ: منين "فكل هذا يؤيد ما قلت.
* فالمعنى المحوري للتركيب: الاحتواءُ على قوةٍ محدودة أي مشوبةٍ برقّةٍ- أي نقصٍ فيها أو ضَعْفٍ بحيث لا يُكتَفَى بها أو يُعْتَمَد عليها وحدها (١). كشأن
(١) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام في الظاهر، والنون عن امتداد باطني، والفصل منهما يعبر عن قوة معها لطف أو رقة تمتلئ به أثناء الجرم كالمنين. وفي (منو- منى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال. ويعبر التركيبان عن تجمع في الجوف (اشتمال) ثم خروج منه شيئًا بعد شيء كالمنى، وفي (أمن) تسبق الهمزة بالضغط، ويعبر التركيب عن وثاقة في الباطن (من امتلائه أو إصماته)، كالناقة الأمون: الوثيقة الخلق (وثاقة البناء الداخلي) وفي (منع) تعبر العين عن التحام على رقة. ويعبر التركيب عن حجز ظاهر الشيء شديدًا ما في باطنه فلا يكون فيه منفذ (كأن الالتحام أكد سدّ فجواته) كالحصن المنيع.